صفحة جزء
حدثنا أبو عمرو بن حمدان ، ثنا الحسن بن سفيان ، ثنا قطن بن نسير ، ثنا جعفر بن سليم ، ثنا أبو طاهر ، عن أبي يزيد المدني ، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه ، عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه ، قال : أقمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، فعلمني الإسلام وقرأت من القرآن شيئا ، فقلت : يا رسول الله ، إني أريد أن أظهر ديني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني أخاف عليك أن تقتل . قلت : لا بد منه وإن قتلت ، قال : فسكت عني ، فجئت وقريش حلقا يتحدثون في المسجد ، فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، فانتفضت الخلق فقاموا فضربوني حتى تركوني كأني نصب أحمر ، وكانوا يرون أنهم قد قتلوني ، فأفقت فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : فرأى ما بي من الحال ، فقال لي : ألم أنهك ؟ فقلت : يا رسول الله كانت حاجة في نفسي فقضيتها ، فأقمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : الحق بقومك ، فإذا بلغك ظهوري فأتني .

حدثنا حبيب بن الحسن ، ثنا أبو مسلم الكشي ، ثنا عمرو بن حكام ، ثنا المثنى بن سعيد ، ثنا أبو جمرة أن ابن عباس أخبرهم عن بدو إسلام أبي ذر ، قال : دخل أبو ذر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله مرني بما شئت ، فقال : ارجع إلى أهلك حتى يأتيك خبري ، فقلت : والله ما كنت لأرجع حتى أصرح بالإسلام ، فخرج إلى المسجد فصاح بأعلى صوته ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، فقال المشركون [ ص: 159 ] : صبأ الرجل ، صبأ الرجل ، فقاموا إليه فضربوه حتى سقط ، فمر به العباس ، فقال : يا معشر قريش أنتم تجار وطريقكم على غفار ، أتريدون أن يقطع الطريق ، فأكب عليه العباس فتفرقوا ، فلما كان الغد عاد إلى مثل قوله ، فقاموا إليه فضربوه . فمر به العباس فقال لهم مثل ما قال ، ثم أكب عليه .

حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا بشر بن موسى ، ثنا المقرئ ، ثنا سليمان بن المغيرة ، عن حميد بن هلال ، عن عبد الله بن الصامت ، عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه ، قال : أتيت مكة ، فمال علي أهل الوادي بكل مدرة وعظم فخررت مغشيا علي ، فارتفعت حين ارتفعت كأني نصب أحمر .

حدثنا محمد بن إسحاق بن أيوب ، ثنا يوسف بن يعقوب ، ثنا سليمان بن حرب ، ثنا أبو هلال الراسبي ، ثنا حميد بن هلال ، عن عبد الله بن الصامت ، قال : قال لي أبو ذر رضي الله تعالى عنه : قدمت مكة فقلت : أين هذا الصابئ ؟ فقالوا : الصابئ الصابئ ‍! فأقبلوا يرمونني بكل عظم وحجر حتى تركوني مثل النصب الأحمر ، فلما ضربني برد السحر أفقت ، وتحملت حتى أتيت زمزم فاغتسلت من مائها وشربت منه ، وكنت بين الكعبة وأستارها ثلاثين ليلة بأيامها ، ما لي طعام ولا شراب إلا ماء زمزم حتى تكسر عكن بطني ، وما وجدت على كبدي من سخفة جوع ، حتى إذا كان ذات ليلة جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت ، وصلى خلف المقام ، فكنت أول من حياه بالإسلام - أو قال بالسلام - فقلت : السلام عليك ، فقال : وعليك ورحمة الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية