صفحة جزء
[ ص: 231 ] 562 - حمدون بن أحمد

قال الشيخ : ومن أقران أبي حفص من شيوخ نيسابور الشيخ الصالح أبو صالح حمدون بن أحمد بن عمارة ، صحب أبا تراب النخشبي وكان فقيها على مذهب الثوري ، وهو شيخ الملامتيين .

سمعت عبد الله بن أحمد بن فضالة ، صاحب الخان بنيسابور يقول : سمعت عبد الله بن محمد بن منازل يقول : قيل لحمدون بن أحمد : ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا ؟ قال : لأنهم تكلموا لعز الإسلام ونجاة النفوس ورضاء الرحمن ، ونحن نتكلم لعز النفس وطلب الدنيا وقبول الخلق ، قال عبد الله : وسأله يوما أبو القاسم المنادي عن مسألة ، فقال له : أرى في سؤالك قوة وعزة نفس تظن أنك قد بلغت بهذا السؤال الحال الذي تخبر عنه ؟ أين طريقة الضعف والفقر والتضرع والالتجاء ؟ وعندي أن من ظن نفسه خيرا من نفس فرعون فقد أظهر الكبر ، وقال له عبد الله بن منازل يوما : أوصني ، قال : إن استطعت أن لا تغضب لشيء من الدنيا فافعل . وقال : من أصبح وليس له هم طلب قوت من حلال وهم ما جرى عليه في سابق العلم له وعليه ؛ فإنه يتفرغ إلى كل شيء ، وقال : كفايتك تساق إليك ميسرا من غير تعب ولا نصب ، وإنما التعب في الفضول .

سمعت محمد بن الحسين بن موسى يقول : سمعت محمد بن أحمد التميمي يقول : سمعت أحمد بن حمدون يقول : سمعت أبي يقول ، وسئل عن طريق الملازمة ، فقال : خوف القدرية ورجاء المرجئة ، وقال : لا يجزع من المصيبة إلا من اتهم ربه ، وقال : لا أحد أدون ممن يتزين لدار فانية ، ويتحمد إلى من لا يملك ضره ولا نفعه .

سمعت محمد بن الحسين يقول : سمعت محمد بن أحمد الفراء يقول : سمعت عبد الله بن منازل يقول : سئل حمدون : من العلماء ؟ قال : المستعملون لعلمهم ، والمتهمون آراءهم ، والمقتدون بسير السلف ، والمتبعون لكتاب [ ص: 232 ] الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم لباسهم الخشوع ، وزينتهم الورع ، وحليتهم الخشية ، وكلامهم ذكر الله ، أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر وصمتهم تفكر في آلاء الله ونعمه ، نصيحتهم للخلق مبذولة وعيوبهم عندهم مستورة ، يزهدون الخلق في الدنيا بالإعراض عنها ويرغبونهم في الآخرة بالحرص على طلبها . قال : وتسفه عليه رجل فسكت حمدون ، وقال : يا أخي لو نقصتني كل نقص لم تنقصني كنقصي عندي . ثم قال : تسفه رجل على إسحاق الحنظلي فاحتمله وقال : لأي شيء تعلمنا العلم ؟ وقال : أنت عبد ما لم تطلب من يخدمك فإذا طلبت خادما خرجت من العبودية ، وقال : للخلق في يوسف عليه السلام آيات وليوسف في نفسه آية وهي أعظم الآيات : معرفته بمكر النفس وخدعها حين قال : ( إن النفس لأمارة بالسوء ) وقال : قد أخبر الله تعالى عن حقيقة ، طباع الخلق فقال : لو ملكتم ما أملكه من فنون الرحمة وخزائن الخير لغلب عليكم سوء طباعكم في الشح والبخل ، وذلك في قوله تعالى : ( قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق وكان الإنسان قتورا ) .

أسند الحديث : حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن فضلويه النيسابوري ، ثنا عبد الله بن محمد بن منازل ، ثنا حمدون بن أحمد القصار ، ثنا إبراهيم الزراع ، ثنا ابن نمير ، عن الأعمش ، عن سعيد بن عبد الله ، عن أبي برزة الأسلمي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه ، وعن جسده فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه وأين وضعه ، وعن علمه ما عمل فيه " .

التالي السابق


الخدمات العلمية