صفحة جزء
587 صدقة المقابري

وأما صدقة المقابري فمن أقران المتقدمين كبشر بن الحارث وطبقته ، وكان من التحقق والتحفظ بالمحل العالي .

سمعت أبا الفضل نصر بن أبي نصر الطوسي يحكي عن بعض مشايخه قال : كان صدقة المقابري من المبالغين في التحقق كان يقول : " أتى علي عشرون سنة لم أكلم أحدا حتى أومر بكلامه ، ولا تركت بكلامي أحدا حتى أومر بترك كلامه " .

حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن مقسم ، ثنا عبد الله بن إسحاق ، ثنا سعدان قال : قال صدقة المقابري لرجل كان يواخيه ويصحبه : " كيف تجدك ؟ فقال : إن الذي بي من البلاء أقل مما أصبت من لذة الهوى ، ولو أصابني من البلاء بقدر ما نلت من لذة الهوى إذا لاجتمع علي جميع البلاء " ، وكان كثيرا ينشد أبياتا للثقفي :


أما ترى الموت ما ينفك مختطفا من كل ناحية نفسا فيحويها ؟

    قد نغصت أملا كانت تؤمله
وقام في الحي ناعيها وباكيها

    وأسكنوا الترب تبلى فيه أعظمهم
بعد النضارة ثم الله يحييها

    وصار ما جمعوا منها وما دخروا
من الأقارب يحويه أدانيها

    فامهد لنفسك في أيام مدتها
واستغفر الله مما أسلفت فيها



التالي السابق


الخدمات العلمية