صفحة جزء
[ ص: 336 ] 608 - عبد الرحيم بن عبد الملك

ومنهم عبد الرحيم بن عبد الملك : كان من المتحققين الواثقين ، صحب المتقدمين من أصحاب السري وبشر .

ذكر لي أبو بكر المفيد عن إبراهيم الخواص قال : " دخلت مسجد التوبة فرأيت عبد الرحيم مستندا إلى سارية ، فقلت للقيم : متى قعد هذا الرجل هاهنا ؟ فقال : اليوم ، ثلاثة أيام قاعدا على ما تراه ، لم يخرج ولم يتكلم ، فقعدت بحذائه ، فلما أمسينا قلت له : أي شيء تريد حتى أحمله ونأكل ؟ فسكت عني فكررت عليه فقال : أريد مصلية معقدة وخبزا حارا ، فخرجت إلى باب الشام فطلبت ذلك فلم أجده ، فعاتبت نفسي وقلت : يا فضول ، من دعاك إلى أن تستدعي شهوته ؟ لو اشتريت خبزا وإداما وحملت استغنيت عن ذلك ، ورجعت مغتما إلى المسجد ، فإذا رجل يدق باب المسجد فقلت : من ؟ فقال : افتح ، ففتحت فإذا على رأسه زنبيل فحطه وقال لي : أسألك أن يأكل أهل المسجد من هذا الطعام ، فأخرج منه خبزا حارا ومصلية معقدة في قدر ، فبهت وقلت : لا نمسه حتى تخبرني به ، فقال : أنا رجل صانع واشتهيت مصلية معقدة وخبزا حارا فاشتريت اللحم وما يصلحه ، وأمرتهم بطبخه وأن يخبزوا خبزا حارا وجئت العتمة من الدكان ، وبعد ما فرغ منه ما كان خبز الخبز ، فحلفت بالطلاق أن لا يأكل من هذا الخبز أو المصلية أحد إلا من في مسجد التوبة ، فأحب أن تأكلوه ، قال إبراهيم : فرفعت رأسي وقلت : يا سيدي ، أنت أردت أن تطعمه لم غممتني في الوسط ؟ " .

التالي السابق


الخدمات العلمية