صفحة جزء
[ ص: 346 ] أبو عمرو الدمشقي

ومنهم أبو عمرو الدمشقي ، مكن في الولاية ، واتصلت له الرعاية ، كان للمكارم فاعلا ، وعليها حافظا ، أعرض عن المستروحين إلى الأرواح ونظر إلى صنع مالك الأجسام والأشباح .

سمعت محمد بن الحسين يقول : سمعت منصور بن عبد الله يقول : قال أبو عمرو الدمشقي : التصوف رؤية الكون بعين النقص ، بل غض الطرف عن كل ناقص ليشاهد من هو منزه عن كل نقص .

سمعت محمد بن الحسين ، يقول : سمعت أبا بكر الرازي يقول : سمعت أبا عمرو الدمشقي ، يقول - وسئل عن قوله صلى الله عليه وسلم : " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته " - قال : إشارة إلى استواء الأحوال ، أي : لا ترجعوا عن الحق بإفطار ولا تقبلوا عليه بصوم ، ليكن صومكم كإفطاركم وإفطاركم كصومكم عند دوام حضوركم ، وكان يقول : الأشخاص بظلمتها كائنة ، والأرواح بأنوارها مشرقة ، فمن لاحظ الأشخاص بظلمتها أظلم عليه وقته ، ومن شاهد الأرواح بأنوارها دلته على منورها .

سمعت أبا القاسم عبد السلام بن محمد المخزومي يقول : سمعت أبا عمرو الدمشقي يقول : خواص خصال العارفين أربعة أشياء : السياسة ، والرياضة ، والحراسة ، والرعاية ، فالسياسة والرياضة ظاهران ، والحراسة والرعاية باطنان ، فبالسياسة الوصول إلى التطهير ، وبالرياضة الوصول إلى التحقيق ، والسياسة حفظ النفس ومعرفتها ، والرياضة مخالفة النفس ومعاداتها ، والحراسة معاينة بر الله في الضمائر ، والرعاية مراعاة حقوق المولى بالسرائر ، وميراث السياسة القيام على وفاء العبودية ، وميراث الرياضة الرضاء عند الحكم ، وميراث الحراسة الصفوة والمشاهدة ، وميراث الرعاية المحبة والهيبة ، ثم الوفاء متصل بالصفاء ، والرضا متصل بالمحبة علمه من علمه وجهله من جهله .

سمعت محمد بن الحسين بن موسى يقول : سمعت محمد بن عبد الله الرازي يقول : سمعت أبا عمرو الدمشقي يقول : كما فرض الله على الأنبياء إظهار الآيات [ ص: 347 ] والمعجزات ليؤمنوا بها ، كذلك فرض على الأولياء كتمان الكرامات حتى لا يفتنوا بها .

التالي السابق


الخدمات العلمية