صفحة جزء
659 - أبو الخير الأقطع

ومنهم أبو الخير الأقطع التيتاثي له الآيات ، توفي بعد الأربعين ، كانت السباع والهوام يأنسون بمجالسته ويأوون إليه ، كان ينسج الخوص بإحدى يديه .

سمعت محمد بن الحسين بن موسى يقول : سمعت أحمد بن الحسين الرازي يقول : سمعت أبا الخير يقول : من أحب أن يطلع الناس على عمله فهو مراء ، ومن أحب أن يطلع الناس على حاله فهو كذاب .

قال : وسمعت جدي إسماعيل بن نجيد يقول : دخل على أبي الخير جماعة من البغداديين يتكلمون بشطحهم بحضرته ، فضاق صدره من كلامهم فخرج فجاء السبع فدخل البيت فانضم بعضهم إلى بعض ساكتين ، وتغيرت ألوانهم ، فدخل أبو الخير ، فقال : يا سادتي [ ص: 378 ] أين تلك الدعاوى ؟ وكان يقول : ما بلغ أحد حالة شريفة إلا بملازمة الموافقة ، ومعانقة الأدب ، وأداء الفريضة ، ومحبة الصالحين ، وخدمة الفقراء الصادقين ، وكان يقول : القلوب ظروف فقلب مملوء إيمانا وعلامته الشفقة على جميع المسلمين ، والاهتمام بما يهمهم ، ومعاونتهم على مصالحهم ، وقلب مملوء نفاقا وعلامته الحقد والغل والغش والحسد .

سمعت أبا الفضل أحمد بن أبي عمران الهروي يقول : سمعت منصور بن عبد الله يقول : سمعت أبا الخير الأقطع يقول : إن الذاكر لا يقوم له في ذكره عوض ، فإذا قام له العوض خرج من ذكره .

سمعت من غير واحد ممن لقي أبا الخير أن سبب قطع يده أنه كان قد عاهد الله أن لا يتناول بشهوة نفسه شيئا مشتهيا ، فرأى يوما بجبل اللكام شجرة زعرور فاستحسنها فقطع منها غصنا فتناول منها شيئا من الزعرور ، فذكر عهده وتركه ، ثم كان يقول : قطعت غصنا فقطع مني عضو .

التالي السابق


الخدمات العلمية