صفحة جزء
30- عامر بن ربيعة

ومنهم أبو عبد الله عامر بن ربيعة ، الزاهد في العطايا والقطيعة . شهد بدرا والمشاهد ، وعمر بالذكر البقاع والمساجد . تحرز بما أيد به من الفطنة ، عن الوقوع فيما امتحن به غيره من الفتنة . عاش كريما ، ومضى سليما .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أحمد بن حماد بن زغبة ، ثنا سعيد بن أبي مريم ، ثنا يحيى بن أيوب ، عن يحيى بن سعيد ، قال : سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة يصلي من الليل حين نشب الناس في الفتنة ، ثم نام فأري في المنام ، فقيل له : قم فسل الله أن يعيذك من الفتنة التي أعاذ منها صالح عباده ، فقام يصلي ، ثم اشتكى فما خرج إلا جنازة .

حدثنا أحمد بن محمد بن سنان ، ثنا محمد بن إسحاق الثقفي ، ثنا سوار بن عبد الله ، ثنا يحيى بن سعيد القطان ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ، قال : لما نشب الناس في الطعن على عثمان رضي الله تعالى عنه ، قام أبي يصلي من الليل وقال : اللهم قني من الفتنة مما وقيت به الصالحين من عبادك ، قال : فما خرج إلا جنازة .

حدثنا محمد بن علي ، ثنا أبو العباس بن قتيبة ، ثنا محمد بن المتوكل العسقلاني ، ثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه ، قال : لما وقعت فتنة عثمان قال رجل لأهله : أوثقوني بالحديد فإني مجنون ، فلما قتل عثمان قال : خلوا عني ، الحمد الله الذي [ ص: 179 ] شفاني من الجنون وعافاني من قتل عثمان . رواه غيره عن ابن طاوس وسمى الرجل عامر بن ربيعة .

حدثنا محمد بن أحمد بن محمد ، ثنا أحمد بن موسى الخطمي ، ثنا القاسم بن نصر المخرمي ، ثنا أحمد بن القاسم الليثي ، ثنا أبو همام محمد بن الزبرقان ، ثنا موسى بن عبيدة ، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عامر بن ربيعة ، أنه نزل به رجل من العرب فأكرم عامر مثواه ، وكلم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه الرجل ، فقال : إني استقطعت رسول الله صلى الله عليه وسلم واديا ما في العرب واد أفضل منه ، وقد أردت أن أقطع لك منه قطعة تكون لك ولعقبك من بعدك ، قال عامر : لا حاجة لي في قطيعتك ، نزلت اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا : ( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ) .

قال الشيخ رحمه الله : والذي حداه على الزهد والفقر ، ودعاه إلى إدمان الذكر ، ما أخبره به النبي صلى الله عليه وسلم ، وما كان يعانيه في بدنه من الشدة في البعوث والسرايا .

حدثنا أبو بكر بن خلاد ، ثنا الحارث بن أبي أسامة ، ثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا المسعودي ، عن أبي بكر بن حفص ، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة ، عن أبيه رضي الله تعالى عنه ، قال : إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبعثنا في السرية ما لنا زاد إلا السلف - يعني الجراب من التمر - فيقسمه صاحبه بيننا قبضة قبضة ، حتى يصير إلى تمرة ، قال : فقلت : وما كان يبلغ من التمرة ؟ قال : لا تقل ذلك يا بني ، ولبعد أن فقدناها فاختلطنا إليها .

التالي السابق


الخدمات العلمية