صفحة جزء
2- عمر بن الخطاب

قال الشيخ رحمه الله تعالى : وثاني القوم عمر الفاروق ، ذو المقام الثابت المأنوق ، أعلن الله تعالى به دعوة الصادق المصدوق ، وفرق به بين الفصل والهزل ، وأيد بما قواه به من لوامع الطول ، ومهد له من منائح الفضل شواهد التوحيد ، وبدد به مواد التنديد ، فظهرت الدعوة ، ورسخت الكلمة ، فجمع الله تعالى بما منحه من الصولة ، ما نشأت لهم من الدولة ، فعلت بالتوحيد أصواتهم بعد تخافت ، وتثبتوا في أحوالهم بعد تهافت ، غلب كيد المشركين بما ألزم قلبه من حق اليقين ، لا يلتفت إلى كثرتهم وتواطيهم ، ولا يكترث لممانعتهم وتعاطيهم ، اتكالا على من هو منشئهم وكافيهم ، واستنصارا بمن هو قاصمهم وشافيهم ، محتملا لما احتمل الرسول ، ومصطبرا على المكاره لما يؤمل من الوصول ، ومفارقا لمن اختار التنعيم والترفيه ، ومعانقا لما كلف من التشمير والتوجيه ، المخصوص من بين الصحابة بالمعارضة للمبطلين ، والموافقة في الأحكام لرب العالمين ، السكينة تنطق على لسانه ، والحق يجري الحكمة عن بيانه ، كان للحق مائلا ، وبالحق صائلا ، وللأثقال حاملا ، ولم يخف دون الله طائلا .

وقد قيل : إن التصوف ركوب الصعب ، في جلال الكرب .

التالي السابق


الخدمات العلمية