صفحة جزء
حدثنا أحمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي ، ثنا ابن نمير ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن طارق بن عبد الرحمن ، [ ص: 240 ] قال : وقع الطاعون بالشام فاستعر فيها ، فقال الناس : ما هذا إلا الطوفان إلا أنه ليس بماء . فبلغ معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه ، فقام خطيبا ، فقال : إنه قد بلغني ما تقولون ، وإنما هذه رحمة ربكم عز وجل ودعوة نبيكم صلى الله عليه وسلم وكفت الصالحين قبلكم ، ولكن خافوا ما هو أشد من ذلك : أن يغدو الرجل منكم من منزله لا يدري أمؤمن هو أم منافق ، وخافوا إمارة الصبيان .

حدثنا أبو جعفر اليقطيني ، ثنا الحسين بن عبد الله القطان ، ثنا عامر بن سيار ، ثنا عبد الحميد بن بهرام ، عن شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم من حديث الحارث بن عميرة ، قال : طعن معاذ وأبو عبيدة وشرحبيل بن حسنة وأبو مالك الأشعري في يوم واحد ، فقال معاذ : إنه رحمة ربكم عز وجل ودعوة نبيكم صلى الله عليه وسلم وقبض الصالحين قبلكم . اللهم آت آل معاذ النصيب الأوفر من هذه الرحمة ، فما أمسى حتى طعن ابنه عبد الرحمن ، بكره الذي كان يكنى به وأحب الخلق إليه ، فرجع من المسجد فوجده مكروبا ، فقال : يا عبد الرحمن كيف أنت ؟ فاستجاب له فقال : يا أبت ( الحق من ربك فلا تكن من الممترين ) . فقال معاذ : وأنا إن شاء الله ستجدني من الصابرين ، فأمسكه ليلة ثم دفنه من الغد ، فطعن معاذ فقال حين اشتد به النزع - نزع الموت - فنزع نزعا لم ينزعه أحد ، وكان كلما أفاق من غمرة فتح طرفه ثم قال : رب اخنقني خنقتك ، فوعزتك إنك لتعلم أن قلبي يحبك .

التالي السابق


الخدمات العلمية