صفحة جزء
حدثنا محمد بن عبد الله ، ثنا الحسن بن علي بن نصر الطوسي ، ثنا محمد بن عبد الكريم العبدي ، ثنا الهيثم بن عدي ، ثنا ثور بن يزيد ، ثنا خالد بن معدان ، قال : استعمل علينا عمر بن الخطاب بحمص سعيد بن عامر بن جذيم الجمحي ، فلما قدم عمر بن الخطاب حمص ، قال : يا أهل حمص كيف وجدتم عاملكم ؟ فشكوه إليه - وكان يقال لأهل حمص : الكويفة الصغرى ، لشكايتهم العمال - قالوا : نشكو أربعا : لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار ، قال : أعظم بها ، قال : وماذا ؟ قالوا : لا يجيب أحدا بليل ، قال : وعظيمة ، قال : وماذا ؟ قالوا : وله يوم في الشهر لا يخرج فيه إلينا ، قال : عظيمة ، قال : وماذا ؟ قالوا : يغنظ الغنظة بين الأيام - يعني تأخذه موتة - قال : فجمع عمر بينهم وبينه ، وقال : اللهم لا تفيل رأيي فيه اليوم ، ما تشكون منه ؟ قالوا : لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار ، قال : والله إن كنت لأكره ذكره ، ليس لأهلي خادم فأعجن عجيني ثم أجلس حتى يختمر ثم أخبز خبزي ثم أتوضأ ثم أخرج إليهم . فقال : ما تشكون منه ؟ قالوا : لا يجيب أحدا [ ص: 246 ] بليل ، قال : ما تقول ؟ قال : إن كنت لأكره ذكره ، إني جعلت النهار لهم وجعلت الليل لله عز وجل ، قال : وما تشكون ؟ قالوا : إن له يوما في الشهر لا يخرج إلينا فيه . قال : ما تقول ؟ قال : ليس لي خادم يغسل ثيابي ولا لي ثياب أبدلها ، فأجلس حتى تجف ثم أدلكها ثم أخرج إليهم من آخر النهار . قال : ما تشكون منه ؟ قالوا : يغنظ الغنظة بين الأيام ، قال : ما تقول ؟ قال : شهدت مصرع خبيب الأنصاري بمكة ، وقد بضعت قريش لحمه ثم حملوه على جذعة . فقالوا : أتحب أن محمدا مكانك ؟ فقال : والله ما أحب أني في أهلي وولدي وأن محمدا صلى الله عليه وسلم شيك بشوكة ، ثم نادى يا محمد ، فما ذكرت ذلك اليوم وتركي نصرته في تلك الحال وأنا مشرك لا أومن بالله العظيم إلا ظننت أن الله عز وجل لا يغفر لي بذلك الذنب أبدا ، قال : فتصيبني تلك الغنظة . فقال عمر : الحمد لله الذي لم يفيل فراستي ، فبعث إليه بألف دينار ، وقال : استعن بها على أمرك ، فقالت امرأته : الحمد لله الذي أغنانا عن خدمتك . فقال لها : فهل لك في خير من ذلك ؟ ندفعها إلى من يأتينا بها أحوج ما نكون إليها . قالت : نعم ، فدعا رجلا من أهل بيته يثق به فصررها صررا ثم قال : انطلق بهذه إلى أرملة آل فلان ، وإلى يتيم آل فلان ، وإلى مسكين آل فلان ، وإلى مبتلى آل فلان . فبقيت منها ذهبية . فقال : أنفقي هذه ، ثم عاد إلى عمله ، فقالت : ألا تشتري لنا خادما ؟ ما فعل ذلك المال ؟ قال : سيأتيك أحوج ما تكونين .

كذا رواه حسان وخالد بن معدان مرسلا موقوفا ، ووصله مرفوعا يزيد بن أبي زياد وموسى الصغير ، عن عبد الرحمن بن سابط الجمحي .

التالي السابق


الخدمات العلمية