صفحة جزء
حدثنا أبو محمد بن حبان ، ثنا محمد بن عبد الله بن رسته ، ثنا شيبان ، وثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي ، ثنا عبد الصمد ، ثنا أبو الأشهب ، عن الحسن - أو غيره - شك أبو الأشهب ، ولم يذكر أحمد بن حنبل الشك ، فقال : عن الحسن ، قال : مر عمر - رضي الله تعالى عنه - على مزبلة فاحتبس عندها ، فكأن أصحابه تأذوا بها فقال : هذه دنياكم التي تحرصون عليها ، أو تتكلمون عليها .

قال الشيخ رحمه الله تعالى : وكان عن فناء الملاذ منتهيا ، ولباقي المعاد مبتغيا ، يلازم المشقات ، ويفارق الشهوات . وقد قيل : إن التصوف حمل النفس على الشدائد ، الذي هو من أشرف الموارد .

حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبو الهيثم محمد بن يعقوب الربالي ، ثنا عبيد الله بن نمير ، عن ثابت ، عن أنس قال : تقرقر بطن عمر - رضي الله تعالى عنه - وكان يأكل الزيت عام الرمادة ، وكان قد حرم على نفسه السمن ، قال : فنقر بطنه بأصبعه وقال : تقرقر [ما تقرقر] إنه ليس لك عندنا غيره حتى يحيا الناس .

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي ، ثنا يزيد بن مروان ، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن مصعب ، عن سعد بن أبي وقاص ، قال : قالت حفصة بنت عمر لعمر - رضي الله تعالى عنه - : يا أمير المومنين لو لبست ثوبا هو ألين من ثوبك ، وأكلت طعاما هو أطيب من طعامك ، فقد وسع الله عز وجل من الرزق وأكثر من الخير ؟ فقال : إني سأخصمك إلى نفسك ، أما تذكرين ما كان يلقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من شدة العيش ، فما زال يذكرها حتى أبكاها ، فقال لها : والله إن قلت ذلك أما والله [ ص: 49 ] لئن استطعت لأشاركنهما بمثل عيشهما الشديد ، لعلي أدرك معهما عيشهما الرخي .

حدثنا يوسف بن يعقوب النجيرمي ، ثنا الحسن بن المثنى ، ثنا عفان ، ثنا جرير بن حازم ، ثنا الحسن ، أن عمر - رضي الله عنه - قال : والله إني لو شئت لكنت من ألينكم لباسا ، وأطيبكم طعاما ، وأرقكم عيشا ، وإني والله ما أجهل عن كراكر وأسنمة ، وعن صلاء وصناب وصلايق ، ولكني سمعت الله عز وجل عير قوما بأمر فعلوه ، فقال : ( أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها ) الآية .

حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، ثنا أحمد بن سعيد ، ثنا عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن موسى بن سعد ، عن سالم بن عبد الله ، أن عمر بن الخطاب كان يقول : والله ما نعبأ بلذات العيش أن نأمر بصغار المعزى فتسمط لنا ، ونأمر بلباب الحنطة فيخبز لنا ، ونأمر بالزبيب فينتبذ لنا في الأسعان ، حتى إذا صار مثل عين اليعقوب أكلنا هذا ، وشربنا هذا ، ولكنا نريد أن نستبقي طيباتنا ، لأنا سمعنا الله تعالى يقول : ( أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا ) الآية .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا ابن أبي سهل ، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا سفيان بن عيينة ، عن أبي فروة ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، قال : قدم على عمر - رضي الله تعالى عنه - ناس من أهل العراق ، فرأى كأنهم يأكلون تعزيزا ، فقال : هذا يا أهل العراق لو شئت أن يدهمق لي كما يدهمق لكم ، ولكنا نستبقي من دنيانا ما نجده في آخرتنا ، أما سمعتم الله عز وجل قال لقوم : ( أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا ) الآية .

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا عبد الرحمن بن محمد بن مسلم ، ثنا أبو معاوية ، ثنا الأعمش ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن بعض أصحابه عن عمر . قال : قدم عليه ناس من أهل العراق فيهم جابر بن عبد الله ، قال : فأتاهم بجفنة قد صنعت بخبز وزيت ، فقال لهم : خذوا ، فأخذوا أخذا ضعيفا ، فقال لهم عمر : قد أرى ما تقرمون ، فأي شيء تريدون ؟ حلوا وحامضا ، وحارا وباردا ، ثم قذفا في البطون .

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني [ ص: 50 ] أبي ، ثنا شجاع بن الوليد ، عن خلف بن حوشب أن عمر - رضي الله تعالى عنه - قال : نظرت في هذا الأمر فجعلت إذا أردت الدنيا أضر بالآخرة ، وإذا أردت الآخرة أضر بالدنيا ، فإذا كان الأمر هكذا فأضروا بالفانية .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن شبل ، ثنا عبد الله بن محمد العبسي ، ثنا عبد الله بن إدريس ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن سعيد بن أبي بردة ، قال : كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري - رضي الله تعالى عنهما - : أما بعد : فإن أسعد الرعاة من سعدت به رعيته ، وإن أشقى الرعاة عند الله عز وجل من شقيت به رعيته ، وإياك أن ترتع فيرتع عمالك فيكون مثلك عند الله عز وجل مثل البهيمة نظرت إلى خضرة من الأرض فرعت فيها تبتغي بذلك السمن ، وإنما حتفها سمنها ، والسلام عليك .

التالي السابق


الخدمات العلمية