صفحة جزء
وقد قيل : إن التصوف مرامقة المودود ، ومصارمة المحدود .

حدثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى ، ثنا محمد بن إسحاق الثقفي ، ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم خيبر : " لأعطين هذه الراية رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله " . قال : فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها ، فقال : " أين علي بن أبي طالب ؟ " . فقالوا : يا رسول الله يشتكي عينه ، قال : " فأرسلوا إليه " ، قال : فأتي به ، قال : فبصق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع ، وأعطاه الراية . فقال علي : يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ، قال : " انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ، ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه ، فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم " .

رواه سعد بن أبي وقاص ، وأبو هريرة ، وسلمة بن الأكوع نحوه في المحبة . ولسلمة طرق فمن أغربها ما حدثنا أبو بكر بن خلاد ، ثنا الحارث بن أبي أسامة ، ثنا داود وعمر ، وثنا المثنى بن زرعة - أبو راشد ، عن محمد بن إسحاق - قال : ثنا بريدة بن سفيان الأسلمي ، عن أبيه ، عن سلمة بن الأكوع ، قال : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر الصديق برايته إلى حصون خيبر يقاتل ، فرجع ولم يكن فتح ، وقد جهد . ثم بعث عمر الغد فقاتل ، فرجع ولم يكن فتح وقد جهد ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ، يفتح الله على يديه ، ليس بفرار " . قال سلمة : فدعا بعلي - رضي الله عنه - وهو أرمد ، فتفل في عينيه ، فقال : " هذه الراية ، امض بها حتى يفتح [ ص: 63 ] الله على يديك " . قال سلمة : فخرج بها والله يهرول هرولة ، وإنا خلفه نتبع أثره ، حتى ركز رايته في رضم من الحجارة تحت الحصن ، فاطلع إليه يهودي من رأس الحصن ، فقال : من أنت ؟ فقال : علي بن أبي طالب ، قال : يقول اليهودي : غلبتم ، وما أنزل على موسى - أو كما قال - ، فما رجع حتى فتح الله على يديه .

قال الشيخ رحمه الله تعالى : هذا حديث غريب من حديث بريدة ، عن أبيه فيه زيادات ألفاظ لم يتابع عليها ، وصحيحة من حديث يزيد بن أبي عبيدة عن سلمة بن الأكوع .

التالي السابق


الخدمات العلمية