صفحة جزء
176 - سليمان بن يسار

ومنهم العابد المجار ، المعصوم حين الفتنة من الفجار ، أبو أيوب سليمان بن يسار .

حدثنا سليمان بن أحمد ، قال : ثنا أحمد بن يحيى بن ثعلب ، وحدثنا عبد الله بن إبراهيم بن بيان ، قال : ثنا محمد بن خلف بن وكيع ، حدثني أبو بكر العامري ، وسليمان بن أيوب ، قال : ثنا مصعب بن عبد الله الزبيري ، قال : ثنا مصعب بن عثمان ، قال : كان سليمان بن يسار من أحسن الناس وجها فدخلت عليه امرأة فسألته نفسه فامتنع عليها ، فقالت له : ادن ، فخرج هاربا من منزله وتركها فيه ، قال سليمان بن يسار : فرأيت بعد ذلك فيما يرى النائم يوسف - عليه السلام - وكأني [ ص: 191 ] أقول له : أنت يوسف ؟ قال : نعم ، أنا يوسف الذي هممت ، وأنت سليمان الذي لم تهم . لفظ وكيع .

وأخبرني جعفر بن محمد بن نصير في كتابه ، وحدثني عنه محمد بن إبراهيم ، قال : ثنا أبو العباس بن مسروق ، قال : ثنا ابن حيان بن الحسين ، قال : ثنا محمد بن بشر الكندي ، قال : ثنا عبد الرحمن بن جرير بن عبيد بن حبيب بن يسار الكلابي ، حدثني عن أبي حازم ، قال : خرج سليمان بن يسار خارجا من المدينة ومعه رفيق له حتى نزلوا بالأبواء فقام رفيقه فأخذ السفرة ، وانطلق إلى السوق يبتاع لهم وقعد سليمان في الخيمة ، وكان من أجمل الناس وجها وأورع الناس ، فبصرت به أعرابية من قلة الجبل وهي في خيمتها ، فلما رأت حسنه وجماله انحدرت وعليها البرقع والقفازان ، فجاءت بين يديه فأسفرت عن وجه لها كأنه فلقة قمر ، فقالت : أهبتني ! فظن أنها تريد طعاما فقام إلى فضل السفرة ليعطيها ، فقالت : لست أريد هذا إنما أريد ما يكون من الرجل إلى أهله . فقال : جهزك إلي إبليس ، ثم وضع رأسه بين كميه فأخذ في النحيب فلم يزل يبكي ، فلما رأت ذلك سدلت البرقع على وجهها ورفعت رجليها بأكواب حتى رجعت إلى خيمتها ، فجاء رفيقه وقد ابتاع لهم ما يرفقهم ، فلما رآه وقد انتفخت عيناه من البكاء وانقطع حلقه قال :ما يبكيك ؟ قال :خير ذكرت صبيتي ، قال : لا ، إن لك قصة إنما عهدك بصبيتك منذ ثلاث أو نحوها ، فلم يزل به رفيقه حتى أخبره بشأن الأعرابية ، فوضع السفرة وجعل يبكي بكاء شديدا ، فقال له سليمان : أنت ما يبكيك ؟ قال :أنا أحق بالبكاء منك ، قال : فلم قال : لأني أخشى لو كنت مكانك لما صبرت عنها ، قال : فما زالا يبكيان ، قال : فلما انتهى سليمان إلى مكة وطاف وسعى أتى الحجر واحتبى بثوبه فنعس ، فإذا رجل وسيم جميل طوال شرجب له شارة حسنة ورائحة طيبة ، فقال له سليمان : : من أنت رحمك الله ؟ قال :أنا يوسف بن يعقوب ، قال : يوسف الصديق ؟ قال : نعم ، قلت : إن في شأنك وشأن امرأة العزيز لشأنا [ ص: 192 ] عجيبا ، فقال له يوسف : شأنك وشأن صاحبة الأبواء أعجب .

التالي السابق


الخدمات العلمية