صفحة جزء
[ ص: 15 ] 202 - يونس بن عبيد

ومنهم الورع السديد ، والضرع الشديد ، ذو الكلام الموزون ، واللسان المخزون ، أبو عبد الله يونس بن عبيد .

حدثنا أبو محمد بن حيان قال : ثنا محمد بن أحمد بن معدان ، قال : ثنا ابن دارة ، قال : ثنا الأصمعي ، قال : ثنا مؤمل بن إسماعيل ، قال : جاء رجل من أهل الشام إلى سوق الخزازين ، فقال : مطرف بأربعمائة ، فقال يونس بن عبيد : عندنا بمائتين . فنادى المنادي بالصلاة فانطلق يونس إلى بني قشير ليصلي بهم فجاء وقد باع ابن أخته المطرف من الشامي بأربعمائة . فقال يونس : ما هذه الدراهم ؟ قال : ذاك المطرف بعناه من ذا الرجل ، قال : يونس : يا عبد الله هذا المطرف الذي عرضت عليك بمائتي درهم ، فإن شئت خذه وخذ مائتين وإن شئت فدعه ، قال له : من أنت ؟ قال : رجل من المسلمين ، قال : بل أسألك بالله من أنت وما اسمك ؟ قال : يونس بن عبيد ، قال : فوالله إنا لنكون في نحر العدو فإذا اشتد الأمر علينا ، قلنا : اللهم رب يونس بن عبيد فرج عنا أو شبيه هذا . فقال يونس : سبحان الله سبحان الله .

حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : ثنا أحمد بن علي بن المثنى ، قال : ثنا هدبة بن خالد ، قال : ثنا أمية بن بسطام ، قال : جاءت يونس بن عبيد امرأة بجبة خز ، فقالت له : اشترها . فقال : بكم تبيعيها ؟ قالت : بخمسمائة ، قال : هي خير من ذاك ، قالت : بستمائة ، قال : هي خير من ذاك ، فلم يزل يقول : هي خير من ذاك حتى بلغت ألفا ، وقد بذلتها بخمسمائة .

حدثنا عبد الله بن محمد ، قال : ثنا أحمد بن علي ، قال : ثنا هدبة ، قال : ثنا أمية ، قال : كان يونس بن عبيد يشتري الإبريسم من البصرة فيبعث به إلى وكيله بالسوس ، وكان وكيله يبعث إليه بالخز فإن كتب وكيله إليه أن المتاع عندهم زائد لم يشتر منهم أبدا كي يخبرهم أن وكيله كتب إليه أن المتاع عندهم زائد .

حدثنا أبو محمد بن حيان ، قال : ثنا أحمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن [ ص: 16 ] إبراهيم ، قال : حدثني غسان بن المفضل ، قال : جاءت امرأة بمطرف خز إلى يونس بن عبيد فألقته إليه ليعرضه في السوق فنظر إليه ، فقال لها : بكم ؟ قالت : بستين درهما ، قال : فألقاه إلى جاره ، فقال : كيف تراه ؟ قال : بعشرين ومائة قال : أرى ذلك ثمنه أو نحوا من ثمنه ، قال : فقال لها : اذهبي فاستأمري أهلك في بيعه بخمسة وعشرين ومائة ، قالت : قد أمروني أن أبيعه بستين ، قال : ارجعي إليهم فاستأمريهم .

حدثنا أبو حامد بن جبلة ، قال : ثنا محمد بن إسحاق ، قال : سمعت عباس بن أبي طالب يقول : حدثني غسان بن المفضل الغلابي ، قال : ثنا بشر بن المفضل ومعاذ ، عن مسلم بن أبي مضر ، قال : كانت ليونس معنا بضاعة فجلسنا يوما ننظر في حسابنا ويونس جالس فلما فرغنا من حسابنا ، قال يونس : كلمة تكلم بها فلان داخلة في حسابنا ، قلنا : نعم ، قال : لا حاجة لي في الربح ، ردوا علي رأس مالي ، وأخذ رأس ماله وترك ربحه أربعة آلاف .

حدثنا أبو حامد بن جبلة ، قال : ثنا محمد بن إسحاق ، قال : ثنا أحمد بن سعيد الدارمي ، قال : سمعت النضر بن شميل وسعيد بن عامر ، يقولان : غلا الحرير . وقال أحدهما : الخز في موضع كان إذا غلا هناك غلا بالبصرة وكان يونس بن عبيد خزازا فعلم بذلك فاشترى من رجل متاعا بثلاثين ألفا ، فلما كان بعد ذلك ، قال لصاحبه : هل علمت أن المتاع كان غلا بأرض كذا وكذا ، قال : لو علمت لم أبع ، قال : هلم إلي مالي فخذ مالك ، فرد عليه الثلاثين ألفا .

حدثنا أبو محمد بن حيان ، قال : ثنا محمد بن أحمد بن عمرو ، قال : ثنا رستة ، قال : سمعت زهيرا يقول : كان يونس بن عبيد خزازا فجاء رجل يطلب ثوبا ، فقال لغلامه : انشر الرزمة فنشر الغلام الرزمة وضرب بيده على الرزمة ، فقال : صلى الله على محمد ، فقال : ارفعه وأبى أن يبيعه مخافة أن يكون مدحه .

التالي السابق


الخدمات العلمية