صفحة جزء
حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أبو العباس الهروي ، ثنا يونس بن عبد الأعلى ، ثنا ابن وهب ، ثنا ابن زيد ، قال : قال محمد بن المنكدر : إني لليلة حذاء هذا المنبر جوف الليل أدعو ، إذا إنسان عند أسطوانة مقنع رأسه فأسمعه يقول : أي رب إن القحط قد اشتد على عبادك ، وإني مقسم عليك يا رب إلا سقيتهم ، قال : فما كان إلا ساعة إذا بسحابة قد أقبلت ، ثم أرسلها الله سبحانه ، وكان عزيزا على ابن المنكدر أن يخفى عليه أحد من أهل الخير ، فقال : هذا بالمدينة ولا أعرفه ، فلما سلم الإمام تقنع وانصرف ، فاتبعه ولم يجلس للقاص حتى أتى دار أنس ، فدخل موضعا وأخرج مفتاحا ففتح ثم دخل ، قال : ورجعت فلما سبحت أتيته ، فإذا أنا أسمع نجرا في بيته فسلمت ، ثم قلت : أدخل ؟ قال : ادخل ، فإذا هو ينجر أقداحا يعملها ، فقلت : كيف أصبحت أصلحك الله ؟ قال : فاستشهدها وأعظمها مني ، فلما رأيت ذلك ، قلت : إني سمعت إقسامك البارحة على الله عز وجل يا أخي ، هل لك في نفقة تغنيك عن هذا وتفرغك لما تريد من الآخرة . فقال : لا ، ولكن غير ذلك لا تذكرني لأحد ، ولا تذكر هذا عند أحد حتى أموت ، ولا تأتيني يا ابن المنكدر فإنك إن تأتني شهرتني للناس ، فقلت : إني أحب أن ألقاك ، قال : القني في المسجد . وكان فارسيا ، قال : فما ذكر تلك ابن المنكدر لأحد حتى مات الرجل رحمه الله ، قال ابن وهب : بلغني أنه انتقل من ذلك الدار فلم يره ولم يدر أين ذهب . فقال أهل تلك الدار : الله بيننا وبين ابن المنكدر ، أخرج عنا الرجل الصالح .

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبد الكريم ، ثنا أبو زرعة ، ثنا زيد بن يسر الحضرمي ، ثنا ابن وهب حدثني ابن زيد ، قال : قال ابن المنكدر : استودعني رجل مائة دينار ، فقلت له : أي أخي إن احتجنا إليها أنفقناها حتى نقضيك ، قال : نعم ، واحتجنا إليها فأنفقناها فأتاني رسوله ، فقلت : إنا قد احتجنا إليها ، قال : وليس في بيتي شيء ، قال : فكنت أدعو يا رب لا تخرب أمانتي وأدها ، قال : فخرجت فحين وضعت رجلي لأدخل ، فإذا [ ص: 153 ] رجل يأخذ بمنكبي لا أعرفه فدفع إلي صرة فيها مائة دينار فأداها فأصبح الناس لا يدرون من أين ذلك ؟ فما علموا من أين ذلك حتى مات عامر وابن المنكدر ، فإذا رجل يخبر ، قال : بعثني بها إليه عامر - يعني ابن عبد الله بن الزبير - فقال : ادفعها إليه ولا تذكرها حتى أموت أنا أو يموت ابن المنكدر ، قال : فما ذكرتها حتى ماتا جميعا .

رواه معن بن عيسى عن مالك بن أنس نحوه ، وقال :

[ فسمعه عامر بن عبد الله بن الزبير فذهب فوزنها فجاء بها فلما سجد محمد وضعها على نعليه ] .

حدثنا إسحاق بن أحمد ، ثنا إبراهيم بن يوسف الهسنجاني ، ثنا أحمد بن أبي الحواري ، ثنا إسماعيل بن عبد الله ، قال : سمعت سفيان بن عيينة يقول : قال محمد بن المنكدر : الفقيه يدخل بين الله وبين عباده فلينظر كيف يدخل ؟ حدثنا أبي ، وأبو محمد بن حيان ، قالا : ثنا إبراهيم بن محمد بن الحسين ، ثنا عبد الجبار بن العلاء ، ثنا سفيان ، عن ابن المنكدر ، قال : إنما الفقيه يدخل بين الله وبين عباده .

حدثنا محمد بن أحمد بن محمد ، ثنا الحسن بن محمد ، ثنا أبو محمد زرعة ، ثنا حامد بن يحيى ، ثنا المقري ، ثنا سعيد بن أبي أيوب ، حدثني حسين بن رستم الأيلي ، قال : سمعت محمد بن المنكدر ، يقول : لو جمع حديد الدنيا كله ما خلا منها وما بقي ، ما عدل حلقة من حلق السلسلة التي ذكرها الله تعالى في كتابه فقال : ( في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا ) .

حدثنا محمد بن علي ، ثنا أحمد بن علي بن المثنى ، ثنا إبراهيم بن سعيد ، ثنا سفيان بن عيينة ، قال : قال محمد بن المنكدر : لا تمازح الصبيان فتهون عليهم ويستخفون بحقك .

حدثنا أبو حامد بن جبلة ، ثنا محمد بن إسحاق ، قال : سمعت سوار بن عبد الله العنبري ، ثنا بشر بن المفضل ، قال : جلست إلى محمد بن المنكدر فلما أراد أن يقوم ، قال : أتأذن .

حدثنا أبي ، ثنا إبراهيم بن محمد ، ثنا الحسين بن علي بن الأسود ، ثنا عبيد الله [ ص: 154 ] بن موسى ، عن رجل ، عن محمد بن المنكدر ، قال : مكث آدم عليه السلام في الأرض ما يبدي عن واضحيه ، ولا ترقى عيناه . وقال : ما زلت مستحيا من ربي تعالى أن أرفع طرفي إلى أديم السماء مذ صنعت ما صنعت .

التالي السابق


الخدمات العلمية