صفحة جزء
234 - محمد ابن الحنفية

ومنهم الإمام اللبيب ، ذو اللسان الخطيب ، الشهاب الثاقب ، والنصاب العاقب ، صاحب الإشارات الخفية ، والعبارات الجلية ، أبو القاسم محمد ابن الحنفية .

حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا حاتم بن اللبيب ، ثنا هوذة بن خليفة ، ثنا عوف الأعرابي ، عن ميمون ، عن وردان ، قال : كنت في العصابة الذين ابتدروا إلى محمد بن علي ابن الحنفية ، وكان ابن الزبير منعه أن يدخل مكة حتى يبايعه فأبى أن يبايعه ، وأراد الشام أن يدخلها فمنعه عبد الملك بن مروان أن يدخلها حتى يبايعه فأبى ، فسرنا معه ولو أمرنا بالقتال لقاتلنا معه ، فجمعنا يوما فقسم لنا فيئا يسيرا ، ثم حمد الله تعالى فأثنى عليه . وقال : الحقوا برحالكم واتقوا الله وعليكم بما تعرفون ، ودعوا ما تنكرون ، عليكم أنفسكم ودعوا أمر العامة ، واستقروا على أمرنا كما استقرت السماء والأرض ، فإن أمرنا إذا جاء كالشمس الضاحية .

حدثنا محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الوهاب ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا حاتم بن الليث الجوهري ، ثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا أبو عوانة ، عن أبي حمزة ، قال : كنت مع محمد بن علي فسرنا من الطائف إلى أيلة بعد موت ابن عباس بزيادة على أربعين ليلة ، وكان عبد الملك قد كتب لمحمد ابن الحنفية عهدا على أن يدخل هو وأصحابه في أرضه [ ص: 175 ] حتى يصطلح الناس على رجل ، فلما قدم الشام بعث إليه محمد بن علي أن تؤمن أصحابي ففعل . فقام فحمد الله وأثنى عليه . ثم قال : الله ولي الأمور كلها وحاكمها ، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، إن كل ما هو آت قريب ، عجلتم بالأمر قبل نزوله . والذي نفسي بيده إن في أصلابكم لمن يقاتل مع آل محمد ، ما يخفى على أهل الشرك أمر آل محمد ، فأمر آل محمد مستأخر ، والذي نفسي بيده ليعودن فيكم كما بدأ ، الحمد لله الذي حقن دماءكم . من أحب منكم أن يأتي مأمنه إلى بلده آمنا محفوظا فليفعل ، فانصرف عنه أصحابه وبقي معه تسعمائة رجل ، فأحرم بعمرة وقلد هديا فقدم مكة - ونحن معه - فلما أردنا أن ندخل مكة تلقتنا خيل ابن الزبير فمنعتنا أن ندخل ، وأرسل إليه محمد بن علي لقد خرجت عنك وما أريد أن أقاتلك ، ورجعت وما أريد أن أقاتلك ، دعنا فلندخل لنقضي نسكنا ثم لنخرج عنك ، فأبى ومنعنا الهدي ، فرجع محمد بن علي إلى المدينة ورجعنا ، فكنا بالمدينة حتى قتل ابن الزبير ، فخرج إلى مكة وخرجنا معه ، فنزل الشعب حتى قضينا نسكنا ، وقد رأيت القمل يتناثر من محمد بن علي ، فلما قضينا نسكنا رجعنا إلى المدينة ، فمكث محمد بن علي ثلاث شهور ثم توفي رحمه الله .

حدثنا أبو حامد بن جبلة ، ثنا أبو العباس الثقفي ، ثنا محمد بن الصباح ، ثنا جرير ، عن عمرو بن ثابت ، قال : قال محمد ابن الحنفية : ترون أمرنا لهو أبين من هذه الشمس ، فلا تعجلوا ولا تقتلوا أنفسكم .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أبو خليفة ، ثنا عبيد الله بن عائشة ، ثنا عبد الله بن المبارك ، عن الحسين بن عمر التيمي ، عن منذر الثوري ، قال : قال محمد ابن الحنفية : ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لا يجد بدا من معاشرته حتى يجعل الله له فرجا ومخرجا .

حدثنا أبو حامد ، ثنا أبو العباس ، ثنا علي بن سعيد البغدادي ، ثنا ضمرة بن ربيعة ، عن سعيد بن الحسين ، قال : قال لي محمد ابن الحنفية رحمه الله : من كف يده ولسانه وجلس في بيته ، فإن ذنوب بني أمية أسرع عليهم من سيوف المسلمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية