صفحة جزء
حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الجرجاني ، ثنا إسحاق بن إبراهيم النحوي ، ثنا جعفر بن الصائغ ، ثنا عبيد بن إسحاق ، ثنا نصر بن كثير ، قال : دخلت أنا وسفيان الثوري على جعفر بن محمد ، فقلت : إني أريد البيت الحرام فعلمني شيئا أدعو به ، فقال : إذا بلغت البيت الحرام فضع يدك على الحائط ثم قل : يا سابق الفوت ، يا سامع الصوت ، ويا كاسي العظام لحما بعد الموت ، ثم ادع بما شئت ، فقال له سفيان شيئا لم أفهمه ، فقال له : يا سفيان إذا جاءك ما تحب فأكثر من : الحمد لله ، وإذا جاءك ما تكره فأكثر من : لا حول ولا قوة إلا بالله ، وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الاستغفار .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا الحسن بن محمد ، ثنا سعيد بن عنبسة ، ثنا عمرو بن جميع ، قال : دخلت على جعفر بن محمد أنا وابن أبي ليلى ، وأبو حنيفة ، وحدثنا محمد بن علي بن حبيش ، حدثنا أحمد بن زنجويه ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا محمد بن عبد الله القرشي بمصر ، ثنا عبد الله بن شبرمة ، قال : دخلت أنا وأبو حنيفة على جعفر بن محمد ، فقال لابن أبي ليلى : من هذا معك ؟ قال : [ ص: 197 ] هذا رجل له بصر ونفاذ في أمر الدين ، قال : لعله يقيس أمر الدين برأيه ، قال : نعم ، قال : فقال جعفر لأبي حنيفة : ما اسمك ، قال : نعمان ، قال : يا نعمان هل قست رأسك بعد ؟ قال : كيف أقيس رأسي ؟ قال :ما أراك تحسن شيئا ، هل علمت ما الملوحة في العينين ، والمرارة في الأذنين ، والحرارة في المنخرين والعذوبة في الشفتين ؟ قال : لا ، قال : ما أراك تحسن شيئا ، قال : فهل علمت كلمة أولها كفر وآخرها إيمان ؟ فقال ابن أبي ليلى : يا ابن رسول الله ، أخبرنا بهذه الأشياء التي سألته عنها ، فقال : أخبرني أبي ، عن جدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إن الله تعالى بمنه وفضله جعل لابن آدم الملوحة في العينين ؛ لأنهما شحمتان ولولا ذلك لذابتا ، وإن الله تعالى بمنه وفضله ورحمته على ابن آدم جعل المرارة في الأذنين حجابا من الدواب فإن دخلت الرأس دابة والتمست إلى الدماغ فإذا ذاقت المرارة التمست الخروج ، وإن الله تعالى بمنه وفضله ورحمته على ابن آدم جعل الحرارة في المنخرين يستنشق بهما الريح ولولا ذلك لأنتن الدماغ ، وإن الله تعالى بمنه وكرمه ورحمته لابن آدم جعل العذوبة في الشفتين يجد بهما استطعام كل شيء ويسمع الناس بها حلاوة منطقه " ، قال : فأخبرني عن الكلمة التي أولها كفر وآخرها إيمان ، فقال : إذا قال العبد : لا إله فقد كفر ، فإذا قال : إلا الله فهو إيمان ، ثم أقبل على أبي حنيفة فقال : يا نعمان حدثني أبي عن جدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أول من قاس أمر الدين برأيه إبليس ، قال الله تعالى له : اسجد لآدم فقال : ( أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ) . فمن قاس الدين برأيه قرنه الله تعالى يوم القيامة بإبليس ؛ لأنه اتبعه بالقياس " .

زاد ابن شبرمة في حديثه : ثم قال جعفر : أيهما أعظم قتل النفس أو الزنا ؟ قال :قتل النفس ، قال : فإن الله عز وجل قبل في قتل النفس شاهدين ولم يقبل في الزنا إلا أربعة ، ثم قال : أيهما أعظم الصلاة أم الصوم ؟ قال : الصلاة ، قال : فما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ؟ فكيف ويحك يقوم لك قياسك ؟ اتق الله ولا تقس الدين برأيك .

[ ص: 198 ] حدثنا محمد بن عمر بن سلم ، ثنا الحسين بن عصمة ، ثنا أحمد بن عمرو بن المقدام الرازي ، قال : وقع الذباب على المنصور فذبه عنه ، فعاد فذبه حتى أضجره ، فدخل جعفر بن محمد عليه ، فقال له المنصور : يا أبا عبد الله لم خلق الله الذباب ؟ قال : ليذل به الجبابرة .

حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم ، ثنا أحمد بن علي الأبار ، ثنا منصور بن أبي مزاحم ، ثنا عنبسة الخثعمي -فكان من الأخيار - قال : سمعت جعفر بن محمد يقول : إياكم والخصومة في الدين فإنها تشغل القلب وتورث النفاق .

حدثنا محمد بن أحمد بن محمد ، ثنا الحسن بن محمد ، ثنا أبو زرعة ، ثنا عبد الرحيم بن مطرف ، ثنا عمرو بن محمد ، عن شيخ لهم يكنى أبا عبد الله ، عن جعفر بن محمد ، قال : لما دخل معها البيت - يعني يوسف عليه السلام - كان في البيت صنم من ذهب - أو من غيره - فقالت : كما أنت حتى أغطي الصنم فإني أستحي منه ، فقال يوسف : هذه تستحي من الصنم فأنا أحق أن أستحي من الله تعالى ، قال : فكف عنها وتركها .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا علي بن رستم ، قال : سمعت أبا مسعود يقول : قال جعفر بن محمد : إذا بلغك عن أخيك شيء يسوءك فلا تغتم ، فإنه إن كان كما يقول كانت عقوبة عجلت ، وإن كان على غير ما يقول كانت حسنة لم يعملها ، قال : وقال موسى : يا رب أسألك أن لا يذكرني أحد إلا بخير ، قال : ما فعلت ذلك لنفسي .

حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن محمد بن عمر ، ثنا أبو بكر بن عبد الله ، ثنا الوليد بن شجاع ، ثنا إبراهيم بن أعين ، عن يحيى بن الفرات ، قال : قال جعفر بن محمد لسفيان الثوري : لا يتم المعروف إلا بثلاثة : بتعجيله ، وتصغيره ، وستره .

أسند جعفر بن محمد رضي الله عنه عن أبيه ، وعن عطاء بن أبي رباح ، وعكرمة ، وعبيد الله بن أبي رافع ، وعبد الرحمن بن القاسم ، وغيرهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية