صفحة جزء
240- سلمة بن دينار

ومنهم ذو الهم العازم ، والخوف اللازم ، سلمة بن دينار أبو حازم ، كان للغوامض فاتقا ، وللعوارض رامقا ، وبمعبوده عمن سواه واثقا .

وقيل : إن التصوف وثوق بالمعبود ، ومروق عن الصدود .

حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا أبو موسى الأنصاري ، ثنا سفيان بن عيينة ، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، قال : ما رأيت أحدا الحكمة أقرب إلى فيه من أبي حازم .

حدثنا أحمد بن محمد بن سنان ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا حاتم بن الليث ، [ ص: 230 ] ثنا سعيد بن منصور ، ثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، قال : سمعت عون بن عبد الله ، يقول : ما رأيت أحدا يفرفر الدنيا فرفرة هذا الأعرج ، يعني أبا حازم .

حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم ، أنه قال : يسير الدنيا يشغل عن كثير الآخرة ، فإنك تجد الرجل يشغل نفسه بهم غيره ، حتى لهو أشد اهتماما من صاحب الهم بهم نفسه .

حدثنا أبي رحمه الله ، ثنا أبو الحسن بن أبان ، ثنا أبو بكر بن عبيد ، ثنا محمد بن بشير ، ثنا عبد الرحمن بن جرير ، قال : سمعت أبا حازم يقول : عند تصحيح الضمائر تغفر الكبائر ، وإذا عزم العبد على ترك الآثام أمه الفتوح .

حدثنا محمد بن أحمد بن محمد ، حدثني أبي ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبيد ، ثنا إسحاق بن حاتم المدائني ، ثنا محمد بن كثير ، ثنا بعض أهل الحجاز ، قال : قال أبو حازم : كل نعمة لا تقرب من الله عز وجل فهي بلية .

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا محمد بن عبد الله بن رسته ، ثنا أبو معمر القطيعي ، ثنا سفيان ، قال : قال أبو حازم : ينبغي للمؤمن أن يكون أشد حفظا للسانه منه لموضع قدميه .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا إسحاق بن أحمد ، ثنا أبو حاتم ، ثنا الوليد بن الزبير الحضرمي ، حدثني بقية ، حدثني عبد الرحمن بن معن ، عن أبي حازم ، قال : يا بني لا تقتد بمن لا يخاف الله بظهر الغيب ، ولا يعف عن العيب ، ولا يصلح عند الشيب .

حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا أحمد بن روح ، ثنا إبراهيم بن الجنيد ، عن يعقوب بن عيسى الزهري ، حدثني إسماعيل بن داود ، قال : سمعت أبا حازم يقول : لو نادى مناد من السماء بأمن أهل الأرض من دخول النار ، لحق عليهم الوجل من حضور ذلك الموقف ومعاينة ذلك اليوم .

حدثنا إسحاق بن أحمد بن علي ، ثنا إبراهيم بن يوسف بن خالد ، ثنا أحمد بن أبي الحواري ، ثنا مروان بن محمد ، قال : قال أبو حازم الأعرج : يا أعرج ينادى يوم القيامة يا أهل خطيئة كذا [ ص: 231 ] وكذا فتقوم معهم ، ثم ينادى يا أهل خطيئة أخرى فيقوم معهم ، فأراك يا أعرج تريد أن تقوم مع أهل كل خطيئة .

حدثنا أبو حامد محمد بن أحمد الغطريفي ، ثنا أبو بكر بن خزيمة ، أخبرني ابن عبد الحكم أن ابن وهب أخبرهم ، قال : أخبرني حفص بن عمر ، عن سعيد بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم ، قال : إنه ليس من يوم تطلع فيه الشمس إلا وهو يغدو على ابن آدم فيه علمه وهواه ، ثم يتغالبان في صدره تغالب الزائدين ، فيوم يغلب علمه هواه فيوم غنم غنمه ، ويوم يغلب هواه علمه فيوم جرم جرمه ، قال : فإنك لتجد من عباد الله من يفتح علمه هواه كما يفتح إحدى الزائدين لصاحبتها التي تغضب للتي تحب .

حدثنا محمد بن علي ، ثنا محمد بن محمد بن زيد ، ثنا عبد الرحمن بن يونس ، قال : سمعت سفيان بن عيينة يقول : قال أبو حازم : قاتل هواك أشد مما تقاتل عدوك .

حدثنا أبي رحمه الله ، ثنا أحمد بن محمد بن عمر ، ثنا عبد الله بن محمد الأموي ، ثنا محمد بن يحيى بن أبي حاتم ، حدثني محمد بن هانئ ، عن بعض أصحابه ، قال : قال رجل لأبي حازم : إنك متشدد ، فقال أبو حازم : وما لي لا أتشدد وقد ترصدني أربعة عشر عدوا ، أما أربعة : فشيطان يفتنني ، ومؤمن يحسدني ، وكافر يقتلني ، ومنافق يبغضني ، وأما العشرة فمنها : الجوع ، والعطش ، والحر ، والبرد ، والعري ، والهرم ، والمرض ، والفقر ، والموت ، والنار ، ولا أطيقهن إلا بسلاح تام ، ولا أجد لهن سلاحا أفضل من التقوى .

حدثنا أبو بكر محمد بن الحسين الآجري ، ثنا عبد الله بن محمد العطشي ، ثنا إبراهيم بن الجنيد ، ثنا يحيى بن أيوب ، ثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي ، قال : سمعت أبا حازم يقول : إن الشيطان إذا استمكن من عصمة امرئ لم يبال ما صنع ، ولو صلى حتى يسقط لحم وجهه ، ولم يكره فيما سوى ذلك .

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا [ ص: 232 ] سفيان ، قال : قيل لأبي حازم : يا أبا حازم ما مالك ؟ قال : ثقتي بالله تعالى وإياسي مما في أيدي الناس .

حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا قتيبة بن سعيد ، ثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبي حازم ، أنه قال : تجد الرجل يعمل بالمعاصي فإذا قيل له تحب الموت ، قال : لا ، وكيف وعندي ما عندي ، فيقال له : أفلا تترك ما تعمل من المعاصي ؟ فيقول : ما أريد تركه ، وما أحب أن أموت حتى أتركه .

حدثنا أبي رحمه الله ، ثنا أبو الحسن بن أبان ، ثنا أبو بكر بن عبيد ، حدثني محمد بن يحيى بن أبي حاتم ، حدثني أبو داود الضرير ، قال : قال أبو حازم : نحن لا نريد أن نموت حتى نتوب ، ونحن لا نتوب حتى نموت ، واعلم أنك إذا مت لم ترفع الأسواق بموتك ، وإن شأنك صغير فاعرف نفسك .

حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا إبراهيم بن إسحاق ، ثنا ضمرة بن ربيعة ، ثنا بلال بن كعب ، قال : مر أبو حازم بأبي جعفر المديني وهو مكتئب حزين ، فقال : ما لي أراك مكتئبا حزينا ؟ وإن شئت أخبرتك ، قال : أخبرني ما وراءك ، قال : ذكرت ولدك من بعدك ، قال : نعم ، قال : فلا تفعل فإن كانوا لله أولياء فلا تخف عليهم الضيعة ، وإن كانوا لله أعداء فلا تبال ما لقوا بعدك .

التالي السابق


الخدمات العلمية