صفحة جزء
حدثنا أبي ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، ثنا محمد بن سهل بن عسكر ، ثنا إسماعيل بن عبد الكريم ، حدثني عبد الصمد بن معقل ، أنه سمع وهب بن منبه يقول : إن رجلا من بني إسرائيل صام سبعين أسبوعا يفطر في كل سبعة أيام يوما وهو يسأل الله تعالى أن يريه كيف يغوي الشيطان الناس ، فلما أن طال ذلك عليه ولم يجب ، قال : لو أقبلت على خطيئتي وعلى ذنبي وما بيني وبين ربي لكان خيرا لي من هذا الأمر الذي أطلب . فأرسل الله تعالى إليه ملكا ، فقال : إن الله عز وجل أرسلني إليك وهو يقول : إن كلامك هذا الذي تكلمت به أعجب إلي مما مضى من عبادتك وقد فتح بصرك ، قال : فنظر فإذا أحبولة لإبليس قد أحاطت بالأرض ، وإذا ليس أحد من بني آدم إلا وحوله شياطين مثل ذباب ، فقال : أي رب ، من ينجو من هذا ؟ قال : الورع اللين .

حدثنا أبي ، ثنا إسحاق ، ثنا محمد بن سهل ح وحدثنا عمر بن أحمد بن محمد المقري ، ثنا أحمد بن منصور ، قالا : ثنا إسماعيل بن عبد الكريم ، حدثني عبد الصمد بن معقل ، قال : سمعت وهب بن منبه يقول : كان رجل من السائحين في أرض فيها قثاء فدعته نفسه إلى أن يأخذ منها شيئا ، فعاقبها فقام مكانه فصلى ثلاثة أيام ، فمر به رجل وقد لوحته الشمس والريح والبرد ، فلما نظر إليه ، قال : سبحان الله ! لكأنما أحرق هذا الإنسان بالنار ، فقال السائح : هكذا بلغ مني خوف النار ، فكيف لو دخلتها .

حدثنا محمد بن نصر ، ثنا حاجب بن دكين ، ثنا حماد بن الحسن ، ثنا سيار ، ثنا جعفر ، ثنا عمر بن عبد الرحمن الصنعاني ، ثنا وهب بن منبه ، قال : أصاب رجل من الأولين ذنبا ، فقال : لله علي أن لا يظلني سقف [ ص: 33 ] بيت أبدا حتى تأتيني براءة من النار ، فكان بالعراء في الحر والقر ، فمر به رجل ورأى شدة حاله ، فقال : يا عبد الله ، ما بلغ منك ما أرى ؟ فقال : بلغ بي ما ترى ذكر جهنم ، فكيف بي إن أنا وقعت فيها ؟

حدثني أبي ، ثنا أحمد بن محمد بن الحسن البغدادي ، ثنا أحمد بن محمد بن الحسن المخزومي ، ثنا عبد الرزاق ، حدثني بكار بن عبد الله ، عن وهب قال : قرأت في بعض الكتب أن مناديا ينادي من السماء الرابعة : يا أبناء الأربعين ، أنتم زرع قددنا حصاده ، يا أبناء الخمسين ، ما قدمتم وما أخرتم ، يا أبناء الستين ، لا عذر لكم ، ليت الخلق لم يخلقوا ، وإذا خلقوا علموا لماذا خلقوا ، قد أتتكم الساعة فخذوا حذركم .

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن محمد بن زكريا ، ثنا سلمة بن شبيب ، ثنا سهل - يعني ابن عاصم ، عن يونس بن أبي يحيى ، عن وهب بن منبه ، قال في بعض الحكمة : أبناء الأربعين زرع قددنا حصاده ، أبناء الستين ، ماذا قدمتم وماذا أخرتم ، أبناء السبعين ، لا عذر لكم .

حدثنا الحسين بن محمد بن علي ، ثنا سعيد بن محمد أخو الزبير ، ثنا إسحاق بن إسرائيل ، ثنا هشام بن يوسف الصنعاني ، عن منذر الأفطس ، عن وهب قال : قال دانيال عليه السلام : يا لهفتا على زمان يلتمس فيه الصالحون فلا يوجد منهم أحد إلا كالسنبلة في أثر الحاصد ، أو كالخصلة في أثر القاطف ، يوشك نوائح أولئك وبواكيهم أن تبكيهم .

حدثنا أبو حامد بن جبلة ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا الحسن بن الربيع ، ثنا عبد الرزاق ، عن عبد الصمد بن معقل ، قال : سمعت وهب بن منبه يقول في قوله تعالى : ونضع الموازين القسط ليوم القيامة . قال : إنما يوزن من الأعمال خواتيمها ، وإذا أراد الله بعبد خيرا ختم له بخير عمله ، وإذا أراد به شرا ختم له بشر عمله .

حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد ، ثنا أحمد بن عمرو البزار ، ثنا سلمة بن شبيب ، ثنا أحمد بن صالح ، ثنا أسد بن موسى ، عن يوسف بن زياد ، عن أبي [ ص: 34 ] أنيس بن وهب بن منبه ، عن وهب قال : إن الله عز وجل حين فرغ من خلقه نظر إليهم حين مشوا على وجه الأرض ، فقال : أنا الله الذي لا إله إلا أنا الذي خلقتك بقوتي ، وأتقنتك بحكمتي ، حق قضائي ، ونافذ أمري ، أنا أعيدك كما خلقتك ، وأفنيك بحكمتي حتى أبقى وحدي ، فإن الملك والخلود لا يحق إلا لي ، أدعو خلقي وأجمعهم لقضائي يوم يخسر أعدائي ، وتجل القلوب من خوفي ، وتجف الأقلام من هيبتي ، وتبرأ الآلهة ممن عبدها دوني . قال : وذكر وهب بن منبه أن الله عز وجل لما فرغ من جميع خلقه يوم الجمعة ، أقبل يوم السبت ، فمدح نفسه بما هو أهله ، وذكر عظمته وجبروته وكبرياءه وسلطانه وقدرته وملكه وربوبيته ، فأنصت له كل شيء ، وأطرق له كل شيء خلقه ، فقال : أنا الملك الذي لا إله إلا أنا ذو الرحمة الواسعة والأسماء الحسنى ، أنا الله الذي لا إله إلا أنا ذو العرش المجيد والأفلاك العلى ، أنا الله الذي لا إله إلا أنا ذو المن والطول والآلاء والكبرياء ، أنا الله الذي لا إله إلا أنا بديع السماوات والأرض ومن فيهن ، ملأت كل شيء عظمتي ، وقهر كل شيء ملكي ، وأحاطت بكل شيء قدرتي ، وأحصى كل شيء علمي ، ووسعت كل شيء رحمتي ، وبلغ كل شيء لطفي ، فأنا الله ، يا معشر الخلائق فاعرفوا مكاني ، فليس في السماوات والأرض إلا أنا ، وخلقي كلهم لا يقوم ولا يدوم إلا بي ، وينقلب في قبضتي ، ويعيش في رزقي ، وحياته وموته وبقاؤه وفناؤه بيدي ، فليس له محيص ولا ملجأ غيري ، لو تخليت عنه إذا لهلك كله ، وإذا لكنت أنا على حالي ، لا ينقصني ذلك شيئا ولا يزيدني ولا يهدني فقده ، وأنا معتز بالعز كله ، في جبروتي وملكي وبرهاني ونوري وسعة بطشي وعلو مكاني وعظمة شأني ، فلا شيء مثلي ، ولا إله غيري ، ولا ينبغي لشيء خلقته أن يعدل بي ولا ينكرني ، فكيف ينكرني من خلقته يوم خلقته على معرفتي ؟ أم كيف يكابرني من قهره ملكي ، فليس له خالق ولا باعث ولا وارث غيري ، أم كيف يعازني من [ ص: 35 ] ناصيته بيدي ؟ أم كيف يعدل بي من أعمره وأسقم جسمه وأنقص عقله وأتوفى نفسه ، وأخلقه وأهرمه فلا يمتنع مني ؟ أم كيف يستنكف عن عبادتي عبدي وابن عبادي وابن إمائي لا ينسب إلى خالق ولا وارث غيري ؟ أم كيف يعبد دوني من تخلقه الأيام ويفني أجله اختلاف الليل والنهار وهما - شعبة يسيرة من سلطاني ؟ فإلي إلي يا أهل الموت والفناء ، لا إلى غيري ، فإني كتبت الرحمة على نفسي ، وقضيت بالعفو والمغفرة لمن استغفرني ، أغفر الذنوب جميعا صغيرها وكبيرها ، ولا يكبر ذلك علي ، ولا تلقوا بأيديكم ولا تقنطوا من رحمتي ؛ فإن رحمتي سبقت غضبي ، وخزائن الخير كلها بيدي ، ولم أخلق شيئا مما خلقت لحاجة كانت مني إليه ، ولكن لأبين به قدرتي ، ولينظر الناظرون في ملكي وتدبير حكمتي ، ولتدين خلائقي كلها لعزتي ، وتسبح الخلائق كلهم بحمدي ، ولتعنو الوجوه كلها لوجهي .

حدثنا أحمد بن السندي ، ثنا الحسن بن علويه القطان ، ثنا إسماعيل بن عيسى العطار ، ثنا إدريس ، عن جده وهب بن منبه قال : قال لقمان لابنه : يا بني ، اعقل عن الله ؛ فإن أعقل الناس عن الله أحسنهم عقلا ، وإن الشيطان ليفر من العاقل وما يستطيع أن يكابده .

حدثنا أبي ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، ثنا محمد بن سهل ، ثنا إسماعيل بن عبد الكريم ، ثنا عبد الصمد بن معقل ، أنه سمع وهب بن منبه ، يقول لرجل من جلسائه : ألا أعلمك طبا لا يتعايا فيه الأطباء ، وفقها لا يتعايا فيه الفقهاء ، وحلما لا يتعايا فيه الحلماء ، قال : بلى ! يا أبا عبد الله ، قال : أما الطب الذي لا يتعايا فيه الأطباء ، فلا تأكل طعاما إلا ما سميت الله على أوله وحمدته على آخره . وأما الفقه الذي لا يتعايا فيه الفقهاء ، فإن سئلت عن شيء عندك فيه علم فأخبر بعلمك وإلا فقل : لا أدري ، وأما الذي لا يتعايا فيه الحلماء ، فأكثر الصمت ، إلا أن تسأل عن شيء .

حدثنا أحمد بن علي بن الحارث المرهبي ، ثنا عبيد بن غنام ، ثنا ابن نمير [ ص: 36 ] ثنا إسماعيل بن عبد الكريم ، ثنا عبد الصمد بن معقل ، عن وهب بن منبه قال : كان إذا كان في الصبي خلقان الحياء والرهبة طمع برشده .

حدثنا أبو حامد ، ثنا أحمد بن محمد بن الحسين المعافري ، ثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق ، ثنا الرمادي ، ثنا عبد الوهاب ، ثنا ابن خشرم ، عن وهب بن منبه قال : لما بلغ ذو القرنين مطلع الشمس قال له ملك : صف لي الناس ، قال : محادثتك من لا يعلم كمن يعلم الموتى ، ومحادثتك من لا يعقل كمثل رجل يبل الصخرة حتى تبتل ، أو يطبخ الحديد يلتمس أدمه ، ومحادثتك من لا يصغي لك كمثل من يضع المائدة لأهل القبور ، ونقل الحجارة من رأس الجبال أيسر من محادثتك من لا يعقل .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا عبيد بن محمد الكشوري الصنعاني ، ثنا همام بن سلمة بن عقبة ، ثنا غوث بن جابر ، ثنا غوث بن معقل ، قال : سمعت عمي وهب بن منبه يقول : إذا أردت أن تعمل بطاعة الله عز وجل فاجتهد في نصحك وعلمك لله ؛ فإن العمل لا يقبل ممن ليس بناصح ، وإن النصح لله عز وجل لا يكمل إلا بطاعة الله ، كمثل الثمرة الطيبة ريحها طيب وطعمها طيب ، كذلك مثل طاعة الله ؛ النصح ريحها ، والعمل طعمها ، ثم زين طاعة الله بالعلم والحلم والفقه ، ثم أكرم نفسك عن أخلاق السفهاء ، وعبدها على أخلاق العلماء ، وعودها على فعل الحلماء ، وامنعها عمل الأشقياء ، وألزمها سيرة الفقهاء ، واعزلها عن سبل الخبثاء ، وما كان لك من فضل فأعن به من دونك ، وما كان فيمن دونك من نقص فأعنه عليه حتى تبلغه معك ، فإن الحكيم يجمع فضوله ثم يعود بها على من دونه ، ثم ينظر في نقائص من دونه ثم يقومها ويزجيها حتى يبلغه ، إن كان فقيها حمل من لا فقه له إذا رأى أنه يريد صحبته ومعونته ، وإذا كان له مال أعطى منه من لا مال له ، وإن كان مصلحا استغفر الله للمذنب إذا رجا توبته ، وإن كان محسنا أحسن إلى من أساء إليه واستوجب بذلك أجره ، ولا يغتر بالقول حتى يجيء معه الفعل ، ولا يتمنى طاعة الله إذا لم يعمل بها ، فإذا بلغ من طاعة الله شيئا حمد الله ثم طلب ما لم يبلغ منها ، وإذا علم من [ ص: 37 ] الحكمة لم تشبعه حتى يتعلم ما لم يبلغ منها ، وإذا ذكر خطيئته سترها عن الناس واستغفر الله الذي هو القادر على أن يغفرها ، ثم لا يستعين على شيء من قوله بالكذب ؛ فإن الكذب في الحديث مثل الأكلة في الخشبة يرى ظاهرها صحيحا وجوفها نخرا ، لا يزال من يغتر بها يظن أنها حاملة ما عليها حتى تنكسر على ما فيها ويهلك من اغتر بها . وكذلك الكذب في الحديث لا يزال صاحبه يغتر به ويظن أنه معينه على حاجته وزائد له في رغبته حتى يعرف ذلك منه ، ويتبين لذوي العقول غروره ، ويستنبط العلماء ما كان يستخفي به عنهم . فإذا اطلعوا على ذاك من أمره وتبين لهم ، كذبوا خبره وأبادوا شهادته واتهموا صدقه واحتقروا شأنه وأبغضوا مجلسه واستخفوا منه بسرائرهم ، وكتموا حديثهم وصرفوا عنه أمانتهم ، وغيبوا عنه أمرهم وحذروه على دينهم ومعيشتهم ولم يحضروه شيئا من محاضرهم ، ولم يأمنوه على شيء من سرهم ، ولم يحكموه في شيء مما شجر بينهم .

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا علي بن إسحاق ، ثنا حسين بن حسن المروزي ، ثنا سعيد بن سليمان ، ثنا عبد الله بن المؤمل ، ثنا المثنى بن الصباح ، قال : سمعت وهب بن منبه يقول : قام موسى عليه السلام ، فلما رأته بنو إسرائيل قامت إليه ، فأومأ إليهم أن اجلسوا . فجلسوا ، فذهب حتى جاء الصور فإذا هو بنهر أبيض فيه مثل رءوس الكباش كافور محفوف بالرياحين ، فلما أعجبه ذلك وثب فيه فاغتسل وغسل ثوبه ، ثم خرج وهيأ ثيابه ورجع إلى الماء ، فاستنقع فيه حتى جفت ثيابه فلبسها . ثم أخذ نحو الكثيب الأحمر الذي هو فوق الصور فإذا هو برجلين يحفران قبرا ، فقام عليهما فقال : ألا أعينكما ؟ قالا : بلى . فنزل يحفر ، فقال : لتحدثاني : مثل من الرجل ؟ فقالا : على طولك وعلى هيئتك ، فاضطجع عليه فالتأمت عليه الأرض ، فلم ينظر إلى قبر موسى عليه السلام إلا الرخمة فإن الله عز وجل أصمها وأبكمها .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن يوسف بن الوليد ، ثنا محمد بن يحيى البصري ، ثنا عبد الله بن رجاء ، ثنا معروف بن واصل ، قال : سمعت أشرس يقول : [ ص: 38 ] سمعت وهب بن منبه يقول : قرأت في بعض الكتب : لولا أني كتبت النتن على الميت لحبسه الناس في بيوتهم ، ولولا أني كتبت الفساد على الطعام لخزنته الأغنياء عن الفقراء ، ولولا أني أذهبت الهم والغم لم تعمر الدنيا ولم أعبد .

حدثنا محمد بن جعفر بن يوسف ، ثنا شعيب بن محمد بن أحمد الدئلي ، ثنا سهل بن صقر الخلاطي ، ثنا عبد المنعم بن إدريس ، عن أبيه ، عن وهب بن منبه قال : قال لقمان لابنه : يا بني ، إن مثل أهل الذكر والغفلة كمثل النور والظلمة .

حدثنا أبي رحمه الله ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبد الكريم ، ثنا محمد بن سعيد العوفي ، وإسماعيل بن عبد الله بن ميمون ، قالا : ثنا إسماعيل بن عبد الكريم ، ثنا عبد الصمد بن معقل ، قال : سمعت وهب بن منبه يقول : قرأت في التوراة أربعة أسطر متواليات : من قرأ كتاب الله فظن أنه لا يغفر له فهو من المستهزئين بآيات الله ، ومن شكى مصيبة فإنما يشكو ربه ، ومن أسف على ما في يد غيره سخط قضاء ربه عز وجل ، ومن تضعضع لغني ذهب ثلثا دينه .

حدثنا أبي ، ثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن سعيد بن جنادة ، وإسماعيل بن عبد الله ، قالا : ثنا إسماعيل بن عبد الكريم ، قال : سمعت عبد الصمد بن معقل يقول : سمعت وهب بن منبه يقول : قرأت في التوراة : أيما دار بنيت بقوة الضعفاء جعلت عاقبتها الخراب ، وأيما مال جمع من غير حل جعلت عاقبته الفقر .

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا علي بن إسحاق ، ثنا حسين المروزي ، ثنا عبد الله بن المبارك ، ثنا معمر ، عن محمد بن عمر ، قال : سمعت وهب بن منبه يقول : وجدت في بعض الكتب أن الله عز وجل يقول : إن عبدي إذا أطاعني فإني أستجيب له من قبل أن يدعوني ، وأعطيه من قبل أن يسألني ، وإن عبدي إذا أطاعني لو أن أهل السماوات والأرض أجلبوا عليه جعلت له مخرجا من ذلك ، وإن عبدي إذا عصاني أقطع يده عن أبواب السماوات وأجعله في الهوى فلا ينتصر بشيء من خلقي .

حدثنا عبد الله ، ثنا علي بن إسحاق ، ثنا حسين المروزي ، ثنا عبد الله بن المبارك ، ثنا بكار بن عبد الله ، قال : سمعت وهب بن منبه يقول : قال الله عز وجل فيما يعتب به أحبار بني إسرائيل : تتفقهون لغير الدين ، [ ص: 39 ] وتتعلمون لغير العمل ، وتتنازعون الدنيا بعمل الآخرة ، تلبسون جلود الضأن وتخفون أنفس الذئاب ، وتنقون القرا من شرابكم ، وتبتلعون أمثال الجبال من الحرام ، وتثقلون الدين على الناس أمثال الجبال ، ثم لا تعينوهم برفع الخناصير ، تطيلون الصلاة ، وتبيضون الثياب ، تقتنصون بذلك مال اليتيم والأرملة ، فبعزتي حلفت لأضربنكم بفتنة يضل فيها رأي ذي الرأي وحكمة الحكيم .

حدثنا عمر بن أحمد بن شاهين ، ثنا عبد الوهاب بن عيسى ، ثنا إسحاق بن إسرائيل ، ثنا عبد الله بن إبراهيم بن عثمان الصنعاني ، أخبرني إبراهيم بن مسلم ، عن وهب بن منبه ، قال : مرت بنوح عليه السلام خمسمائة سنة لم يقرب النساء وجلا من الموت .

حدثنا يعقوب بن أحمد بن يعقوب الواسطي ، ثنا جعفر بن محمد بن سنان ، ثنا علي بن مسلم ، ثنا سيار ، ثنا جعفر ، ثنا عبد الصمد بن معقل ، قال : سمعت عمي وهب بن منبه يقول : لما أصاب داود عليه السلام الخطيئة اعتزل الملك ثم بكى حتى رعش وحتى جرت دموعه في خده .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا علي بن إسحاق ، ثنا الحسين بن الحسن ، ثنا عبد الله بن المبارك ، ثنا بكار بن عبد الله ، قال : سمعت وهب بن منبه يقول : ما رفع داود عليه السلام رأسه حتى قال له الملك : أول أمرك ذنب وآخره معصية ، فارفع رأسك ، فرفع رأسه فمكث حياته لا يشرب ماء إلا مزجه بدموعه ، ولا يأكل طعاما إلا بله بدموعه ، ولا يضطجع على فراش إلا أعراه - أو قال : عراه - بدموعه ، حتى كان لا يرى في لحافه .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا عبيد بن محمد الصنعاني ، ثنا همام بن مسلمة ، ثنا غوث بن جابر ، ثنا عقيل بن معقل ، قال : سمعت وهب بن منبه يقول : إن الله تعالى ليس يحمد أحدا على طاعته ، ولا يسأل أحد من الله الخير إلا برحمته ، وليس يرجو خير الناس ولا يخاف شرهم ، ولا يعطف الله على الناس إلا رحمته إياهم ، إن مكروا به مكرهم ، وإن خادعوه رد عليهم خداعهم ، وإن كاذبوه رد [ ص: 40 ] عليهم كذبهم ، وإن أدبروا قطع دابرهم ، ولا يخاف منهم شيئا ، وإن أقبلوا قبل منهم ، وإن الله عز وجل لا يعطفه على الناس شيء من أمرهم إلا التضرع إليه حتى يرحمهم ، ولا يستخرج أحد من الله شيئا من الخير بحيلة ولا مكر ولا مخادعة ولا أوبة ولا سخط ولا مشاورة ، ولكن يأتي بالخير من الله رحمته . ومن لم يتبع الخير من قبل رحمته لا يجد بابا غير ذلك يدخل منه ؛ فإن الله تعالى لا ينال الخير منه إلا بطاعته ، ولا يعطف الله على الناس شيء إلا تعبدهم له وتضرعهم إليه حتى يرحمهم ، فإذا رحمهم استخرجت رحمته حاجتهم من الله تعالى ، وليس ينال الخير من الله من وجه غير ذلك ، وليس إلى رحمة الله سبيل يؤتى من قبله إلا تعبد العباد له وتضرعهم إليه ؛ فإن رحمة الله تعالى باب كل خير يبتغى من قبله ، وإن مفتاح ذلك الباب التضرع إلى الله تعالى . فمن جاء بذلك المفتاح فتح لديه ، ومن أراد أن يفتح ذلك الباب بغير مفتاحه لم يفتح له ، وكيف ينفتح الباب من غير مفتاحه . ولله عز وجل خزائن الخير كله ، وباب خزائن الله رحمته ، ومفتاح رحمة الله التضرع إليه ، فمن حفظ ذلك المفتاح وجاء به فتح له الباب ودخل الخزائن ، ومن دخل الخزائن فله فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين ، وفيها ما يشاؤون وما يدعون في مقام أمين ، لا يحولون عنها ولا يخافون ولا ينصبون فيه ولا يهرمون ولا يفتقرون فيه ولا يموتون ، في نعيم مقيم وأجر عظيم وثواب كريم نزلا من غفور رحيم .

حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي بن مخلد ، ثنا الحارث بن أبي أسامة ، ثنا داود بن المحبر ، ثنا عباد بن كثير ح وحدثنا أحمد بن السندي ، ثنا الحسن بن علويه القطان ، ثنا إسماعيل بن عيسى ، ثنا إسحاق بن بشر ، عن إدريس ، عن جده وهب بن منبه ، قال : ما عبد الله عز وجل بشيء أفضل من العقل ، وما يتم عقل امرئ حتى تكون فيه عشر خصال : أن يكون الكبر منه مأمونا ، والرشد فيه مأمورا ، يرضى من الدنيا بالقوت وما كان من فضل فمبذول ، والتواضع فيها أحب إليه من الشرف ، والذل فيها أحب إليه من العز ، لا يسأم من طلب العلم دهره ، ولا يتبرم من طالبي الخير ، يستكثر قليل المعروف من [ ص: 41 ] غيره ، ويستقل كثير المعروف من نفسه ، والعاشرة هي ملاك أمره ، بها ينال مجده ، وبها يعلو ذكره ، وبها علاه في الدرجات في الدارين كليهما . قيل : وما هي ؟ قال :أن يرى أن جميع الناس بين خير منه وأفضل ، وآخر شر منه وأرذل ، فإذا رأى الذي هو خير منه وأفضل كسره ذلك ، وتمنى أن يلحقه ، وإذا رأى الذي هو شر منه وأرذل قال : لعل هذا ينجو وأهلك ، ولعل لهذا باطنا لم يظهر لي ، وذلك خير له ، ويرى ظاهره لعل ذلك شر لي . فهناك يكمل عقله ، وساد أهل زمانه وكان من السباق إلى رحمة الله عز وجل وجنته إن شاء الله تعالى .

حدثنا عبد الله بن جعفر ، ثنا أبو مسعود أحمد بن الفرات ، ثنا أبو عمر الحوضي ، ثنا شعبة ، عن عوف ، عن وهب قال : من خصال المنافق أن يحب الحمد ويكره الذم .

حدثنا أحمد بن سعيد ، ثنا عبد الله بن محمد بن النعمان ، ثنا محمد بن حاتم ، ثنا محمد بن بشار ، ثنا عطاء بن المبارك ، عن أشرس ، عن وهب ، قال : أوحى الله إلى داود عليه السلام : يا داود ، هل تدري من أغفر له ذنوبه من عبادي ؟ قال : من هو يا رب ؟ قال : الذي إذا ذكر ذنوبه ارتعدت منها فرائصه ، فذلك العبد الذي آمر ملائكتي أن تمحو عنه ذنوبه .

حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن ، ثنا الحسين بن علي القطان ، ثنا سليمان بن داود ، ثنا سفيان بن عيينة ، قال : قال وهب : أعون الأخلاق على الدين الزهادة في الدنيا ، وأسرعها ردءا اتباع الهوى ، ومن اتباع الهوى حب المال والشرف ، ومن حب المال والشرف تنتهك المحارم ، ومن انتهاك المحارم يغضب الله عز وجل ، وغضب الله ليس دواء .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا محمد بن يحيى بن سليمان أبو بلال الأشعري ، ثنا أبو هشام الصنعاني ، ثنا عبد الصمد ، قال : سمعت وهب بن منبه يقول : إن الرب تبارك وتعالى قال في بعض ما يعتب به بني إسرائيل : إني إذا أطعت رضيت ، وإذا رضيت باركت ، وليس لبركتي نهاية . وإذا عصيت غضبت ، [ ص: 42 ] وإذا غضبت لعنت ، وإن اللعنة تبلغ مني الولد السابع .

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا أبو بكر الدينوري المفسر ، ثنا محمد بن أيوب العطار ، ثنا عبد المنعم بن إدريس ، عن أبيه ، عن جده وهب ، قال : كان في بني إسرائيل رجل عصى الله مائتي سنة ثم مات ، فأخذوا برجله فألقوه على مزبلة ، فأوحى الله إلى موسى عليه السلام أن اخرج فصل عليه ، قال : يا رب ، بنو إسرائيل شهدوا أنه عصاك مائتي سنة ، فأوحى الله إليه هكذا كان ، إلا أنه كان كلما نشر التوراة ونظر إلى اسم محمد صلى الله عليه وسلم قبله ووضعه على عينيه وصلى عليه ، فشكرت ذلك له ، وغفرت ذنوبه وزوجته سبعين حوراء .

حدثنا عبد الله بن محمد بن زكريا ، ثنا عبد الله بن عبد الوهاب ، ثنا محمد بن يزيد ، ثنا إدريس ، عن أبيه ، عن وهب قال : قال موسى عليه السلام ، يا رب ، احبس عني كلام الناس ، قال : لو فعلت هذا بأحد لفعلته بي .

حدثنا أحمد بن السندي ، ثنا الحسن بن علويه ، ثنا إسماعيل بن عيسى ، ثنا إسحاق بن بشر ، عن غياث بن إبراهيم ، عن من تخيره ، عن وهب قال : لما دعي يوسف عليه السلام إلى الملك ووقف بالباب ، فقال : حسبي ديني من دنياي ، وحسبي ربي من خلقه ، عز جاره وجل ثناؤه ولا إله غيره ، ثم دخل ، فلما نظر إليه الملك نزل عن سريره فخر له الملك ساجدا ، ثم أقعده معه على السرير ، فقال : إنك اليوم لدينا مكين أمين ، قال يوسف عليه السلام : اجعلني على خزائن الأرض ، إني حفيظ عليم . أي : حفيظ لهذه السنين وما استودعته ، عليم بلغات من يأتيني .

حدثنا أحمد بن جعفر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، ثنا عبد الرزاق ، أخبرنا منذر بن النعمان الأفطس ، أنه سمع وهبا يقول : لما أمر الحوت أن لا يضره ولا يكلمه - يعني يونس عليه السلام - قال : فلولا أنه كان من المسبحين ، قال من العابدين قبل ذلك ، فذكر بعبادته ، فلما خرج من البحر نام ، فأنبت الله عليه شجرة من يقطين ، وهي الدباء ، فلما رآها قد أظلته ورأى [ ص: 43 ] خضرتها أعجبته ، ثم نام فاستيقظ ، فإذا هي يبست ، فجعل يتحزن عليها ، فقيل له : أنت الذي لم تخلق ولم تسق ولم تنبت تحزن عليها ، وأنا الذي خلقت مائة ألف من الناس أو يزيدون ، ثم رحمتهم فشق عليك .

حدثنا أحمد ، ثنا عبد الله ، حدثني إبراهيم بن خالد الصنعاني ، ثنا رباح ، ثنا عبد الملك بن عبد الحميد بن حشك ، عن وهب قال : لما أمر نوح عليه السلام أن يحمل من كل زوجين اثنين ، قال : رب ، كيف أصنع بالأسد والبقرة ؟ وكيف أصنع بالعناق والذئب ؟ وكيف أصنع بالحمام والهر ؟ قال : من ألقى بينهما العداوة ؟ قال : أنت ، قال : فإني أؤلف بينهم حتى لا يتضررون .

التالي السابق


الخدمات العلمية