صفحة جزء
حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا علي بن إسحاق ، ثنا الحسن بن الحسين ، ثنا عبد الله بن المبارك ، ثنا بكار بن عبد الله ، قال : سمعت وهب بن منبه يقول : كان رجل عابد من السياح أراده الشيطان من قبل الشهوة والرغبة والغضب ، فلم يستطع له شيئا ، فمثل له بحية وهو يصلي ، فالتوى بقدمه وجسده ثم أطلع رأسه عند رأسه ، فلم يلتفت من صلاته ، ولم يستأخر منها ، فلما أراد أن يسجد التوى في موضع سجدته ، فلما وضع رأسه ليسجد فتح فاه ليلتقم رأسه ، فوضع رأسه فجعل يعركه حتى استمكن من الأرض لسجدته ، فقال له الشيطان : إني أنا صاحبك الذي كنت أخوفك فأتيتك من قبل الشهوة والرغبة والغضب ، وأنا الذي كنت أتمثل لك بالسباع والحية ، فلم أستطع لك شيئا ، وقد بدا لي [ ص: 53 ] أن أصادقك ولا أراك في صلاتك بعد اليوم ، فقال له : لا يوم خوفتني بحمد الله خفتك ، ولا اليوم في حاجة من فضله ، قال : ألا تسألني عما شئت أخبرك ، قال : ما عسيت أن أسألك عنه ؟ قال : ألا تسألني عن مالك ما فعل بعدك ؟ قال : لو أردت ذلك ما فارقته . قال : أفلا تسألني عن أهلك من مات منهم ؟ قال :أنا مت قبلهم . قال : أفلا تسألني عما أضل به بني آدم ؟ قال : بلى ، فأخبرني ما أوثق ما في نفسك أن تضلهم به ، قال : ثلاثة أخلاق من لم يستطع بشيء منها غلبناه : بالشح والحدة والسكر ، فإن الرجل إذا كان شحيحا قللنا ماله في عينه ورغبناه في أموال الناس ، وإذا صار حديدا تزاورناه كما يتزاور الصبيان الكرة ، ولو كان يحيي الموتى بدعوته لم نيأس منه ؛ فإن ما يبني يهدمه لنا بكلمة ، وإذا سكر اقتدناه إلى كل شهوة كما يقتاد من أخذ العنز بأذنها حيث شاء .

حدثنا الحسن بن محمد بن علي ، ثنا عبد الرحمن بن سعيد ، ثنا الحسن بن أبي الربيع ، ثنا عبد الرزاق ، ثنا معمر ، أن أبا الهذيل الصنعاني قال : سمعت وهبا يقول : أصاب أيوب عليه السلام البلاء سبع سنين ، وترك يوسف عليه السلام في السجن سبع سنين ، وعذب بختنصر وحول في السباع سبع سنين .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا علي بن المبارك ، ثنا زيد بن المبارك ، ثنا مرداس بن ناقية أبو عبيدة ، ثنا أبو رفيع . قال : سألت وهب بن منبه عن الدنانير والدراهم ، فقال : خواتيم رب العالمين في الأرض لمعاش بني آدم ، لا تؤكل ولا تشرب ، فأين ذهبت بخاتم رب العالمين ؟ قضيت حاجتك .

حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا الفضل بن عباس بن مهران ، ثنا داود بن عمرو الضبي ، ثنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن سماك بن الفضل ، عن وهب بن منبه ، قال : مثل الذي يدعو بغير عمل مثل الذي يرمي بغير وتر .

حدثنا محمد بن علي بن حبيش ، ثنا أحمد بن يحيى الحلواني ، ثنا سعيد بن سليمان ، عن ابن المبارك ، أخبرني عمر بن عبد الرحمن بن مهدي ، قال : سمعت وهب بن منبه يقول : قال حكيم من الحكماء : إني لأستحي من الله عز وجل أن أعبده رجاء ثواب الجنة قط ، فأكون كالأجير السوء ؛ إذا أعطي عمل ، وإذا لم [ ص: 54 ] يعط لم يعمل . وإني لأستحي من الله عز وجل أن أعبده مخافة النار قط فأكون كالعبد السوء ، إن خاف عمل ، وإن لم يخف لم يعمل ، وإنه يستخرج حبه مني ما لا يستخرجه مني غيره .

حدثنا أبي ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، ثنا محمد بن أبي السري البغدادي ، ثنا يونس بن عبد الأعلى ، ثنا أحمد بن رزق ، عن السري بن يحيى ، قال : كتب وهب بن منبه إلى مكحول : إنك قد أصبت بما ظهر من علم الإسلام عند الناس محبة وشرفا ، فاطلب بما بطن من علم الإسلام عند الله تعالى محبة وزلفى ، واعلم أن إحدى المحبتين سوف تمنعك من الأخرى .

حدثنا أحمد بن محمد بن يوسف ، ثنا محمد بن طاهر بن أبي الديبك ، ثنا إبراهيم بن زياد سبلان ، ثنا زافر بن سليمان ، عن أبي سنان الشيباني ، قال : بلغنا أن وهب بن منبه قال :يا بني اتخذ طاعة الله تعالى تجارة تزيد بها ربح الدنيا والآخرة ، والإيمان بالله تعالى سفينتك التي تحمل عليها ، والتوكل على الله تعالى دقلها ، والدنيا بحرك ، والأيام موجك ، والأعمال المفروضة تجارتك التي ترجو بها ربحها ، والنافلة هديتك التي تكرم بها ، والحرص عليها الريح التي تسير بها وتزجيها ، ورد النفس عن هواها مراسيها التي ترسيها ، والموت ساحلها ، والله عز وجل مالكها ، وأحب التجار إليه أفضلهم بضاعة وأكثرهم هدية ، وأبغض التجار إليه أقلهم بضاعة وأردؤهم هدية ، كما تكون تجارتك تربح ، وكما تكون هديتك تكرم .

حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا عبيد الله بن محمد الصنعاني ، ثنا أبو قدامة ، ثنا همام بن مسلمة بن عقبة ، ثنا غوث بن جابر ، ثنا عقيل بن معقل بن منبه ، سمعت عمي وهب بن منبه يقول : الأجر معروض ولكن لا يستوجبه من لا يعمل ، ولا يجده من لا يبتغيه ، ولا يبصره من لا ينظر إليه ، وطاعة الله قريبة ممن يرغب فيها ، بعيدة ممن يزهد فيها ، ومن يحرص عليها يبتغيها ، ومن لا يحبها لا يجدها ، لا تسبق من سعى إليها ، ولا يدركها من أبطأ عنها ، وطاعة الله تعالى تشرف من أكرمها ، وتهين من أضاعها ، وكتاب الله تعالى يدل [ ص: 55 ] عليها ، والإيمان بالله تعالى يحض عليها .

حدثنا عبد الله بن محمد ، ثنا علي بن إسحاق ، ثنا الحسين بن الحسن ، ثنا عبد الله بن المبارك ، ثنا رباح بن زيد ، عن رجل ، عن وهب قال :إن للعلم طغيانا كطغيان المال .

حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، حدثني إبراهيم بن خالد ، ثنا عمر بن عبد الرحمن ، قال : سمعت وهب بن منبه يقول : قال داود عليه السلام : يا رب ، أي عبادك أحب إليك ؟ قال : مؤمن حسن الصلاة ، قال : يا رب ، أي عبادك أبغض إليك ؟ قال : كافر حسن الصورة ، كفر هذا وشكر هذا . زاد أحمد بن حنبل : يا رب ، أي عبادك أبغض إليك ؟ قال : عبد استخارني في أمر فخرت له فلم يرض به .

حدثنا أبو بكر الآجري ، ثنا عبد الله بن محمد العطشي ، ثنا إبراهيم بن الحميدي ، حدثني إبراهيم بن سعيد ، عن عبد المنعم بن إدريس ، ثنا عبد الصمد بن معقل ، عن وهب بن منبه ، قال : كان سائح يعبد الله ويضعف على نفسه في العبادة ، فأتاه الشيطان فتمثل له بإنسان يريه أنه يعبد الله ويضعف عليه في العبادة ، فأحبه السائح لما رأى من اجتهاده وعبادته ، فقال له الشيطان والسائح في الصلاة : لو دخلنا القرية فخالطنا الناس وصبرنا على أذاهم كان أعظم لأجرنا ، فأجابه السائح إلى ذلك ، فلما أخرج السائح رجله من باب بيته لينطلق معه أتاه ملك فقال : إن هذا شيطان ، وإنه أراد أن يفتنك ، فقال السائح : رجل حركت في معصية الله تعالى . فما حولها من موضعها ذلك حتى فارق الدنيا .

حدثنا أبي ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، ثنا محمد بن سهل بن عسكر ، ثنا إسماعيل بن عبد الكريم ، حدثني عبد الصمد بن معقل ، قال : سمعت وهب بن منبه يقول : أتى رجل من أفضل أهل زمانه إلى ملك كان يفتن الناس على أكل لحوم الخنازير ، فلما أتى به استعظم الناس مكانه وساءهم أمره ، فقال له صاحب شرطة الملك : ائتني بجدي نذبحه مما يحل لك أكله فأعطنيه ؛ فإن الملك إذا دعا بلحم الخنزير أتيتك به فكله . فذبح جديا فأعطاه إياه ، ثم أتى به الملك ، فدعا له [ ص: 56 ] بلحم الخنزير ، فأتى صاحب الشرطة باللحم الذي كان أعطاه إياه ، وهو لحم الجدي ، فأمر الملك أن يأكله ، فأبى ، فجعل صاحب الشرطة يغمز إليه ، ويأمره بأكله ، ويريه أنه اللحم الذي دفعه إليه ، فأبى أن يأكله ، فأمر الملك صاحب شرطته أن يقتله ، فلما ذهب به ، قال : ما منعك أن تأكل وهو اللحم الذي دفعت إلي ، أظننت أني أتيتك بغيره ؟ قال : قد علمت أنه هو ، ولكن خفت أن يقتاس بي الناس ، فكل من أراده على أكل لحم الخنزير قال : قد أكله فلان ؛ فيقتاس بي ، فأكون فتنة لهم . فقتل .

حدثنا أبو حامد بن جبلة ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا محمد بن عبد الملك بن زنجويه ، ثنا عبد الرزاق ، قال : قلت لوهب بن منبه : كنت ترى الثريا فتخبرنا بها فلا نلبس أن نراها ، قال : ذهب ذلك عني منذ وليت القضاء . قال عبد الرزاق : حدثت به معمرا فقال : والحسن بعدما ولي القضاء لم يحمدوا فهمه .

التالي السابق


الخدمات العلمية