السؤال الثالث : لو 
قال : يتربص المطلقات، لكان ذلك جملة من فعل وفاعل، فما الحكمة في ترك   [ ص: 75 ] ذلك، وجعل المطلقات مبتدأ، ثم قوله : ( 
يتربصن   ) بإسناد الفعل إلى الفاعل، ثم جعل هذه الجملة خبرا عن ذلك المبتدأ. 
الجواب : قال الشيخ 
 nindex.php?page=showalam&ids=13990عبد القاهر الجرجاني  في كتاب دلائل الإعجاز : إنك إذا قدمت الاسم فقلت : زيد فعل ، فهذا يفيد من التأكيد والقوة ما لا يفيده قولك : فعل زيد؛ وذلك لأن قولك : زيد فعل ، يستعمل في أمرين ، أحدهما : أن يكون لتخصيص ذلك الفاعل بذلك الفعل، كقولك : أنا أكتب في المهم الفلاني إلى السلطان، والمراد دعوى الإنسان الانفراد . 
الثاني : أن لا يكون المقصود ذلك، بل المقصود أن تقديم ذكر المحدث عنه بحديث كذا لإثبات ذلك الفعل، كقولهم : هو يعطي الجزيل ، لا يريد الحصر، بل أن يحقق عند السامع أن إعطاء الجزيل دأبه ، ومثله قوله تعالى : ( 
والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون   ) [النحل : 20] ليس المراد تخصيص المخلوقية ، وقوله تعالى : ( 
وإذا جاءوكم قالوا آمنا وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به   ) [المائدة : 61] ، وقول الشاعر : 
هما يلبسان المجد أحسن لبسة شجيعان ما اسطاعا عليه كلاهما 
والسبب في حصول هذا المعنى عند تقديم ذكر المبتدأ أنك إذا قلت : عبد الله، فقد أشعرت بأنك تريد الإخبار عنه، فيحصل في العقل شوق إلى معرفة ذلك ، فإذا ذكرت ذلك الخبر قبله العقل قبول العاشق لمعشوقه، فيكون ذلك أبلغ في التحقيق ونفي الشبهة.