صفحة جزء
قوله تعالى : ( فلما فصل طالوت بالجنود ) فيه مسائل .

المسألة الأولى : اعلم أن وجه اتصال هذه الآية بما قبلها يظهر بتقدير محذوف يدل عليه باقي الكلام ، والتقدير أنه لما أتاهم بآية التابوت أذعنوا له ، وأجابوا إلى المسير تحت رايته . فلما فصل بهم أي : فارق بهم حد بلده وانقطع عنه ، ومعنى الفصل القطع ، يقال : قول فصل ، إذا كان يقطع بين الحق والباطل وفصلت اللحم عن العظم فصلا وفاصل الرجل شريكه وامرأته فصالا ، ويقال للفطام فصال ، لأنه يقطع عن الرضاع ، وفصل عن المكان قطعه بالمجاوزة عنه ، ومنه قوله : ( ولما فصلت العير ) [ يوسف : 94 ] قال صاحب " الكشاف " : قوله : فصل عن موضع كذا أصله فصل نفسه ، ثم لأجل الكثرة في الاستعمال حذفوا المفعول حتى صار في حكم غير المتعدي كما يقال : انفصل ، والجنود جمع جند وكل صنف من الخلق جند على حدة ، يقال للجراد الكثيرة : إنها جنود الله ، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام : " الأرواح جنود مجندة " .

المسألة الثانية : روي أن طالوت قال لقومه : لا ينبغي أن يخرج معي رجل يبني بناء لم يفرغ منه ، ولا تاجر مشتغل بالتجارة ، ولا متزوج بامرأة لم يبن عليها ، ولا أبغي إلا الشاب النشيط الفارغ فاجتمع إليه ممن اختار ثمانون ألفا .

التالي السابق


الخدمات العلمية