صفحة جزء
أما قوله : ( إلا رمزا ) ففيه مسألتان :

المسألة الأولى : أصل الرمز الحركة ، يقال : ارتمز إذا تحرك ، ومنه قيل للبحر : الراموز ، ثم اختلفوا في المراد بالرمز هاهنا على أقوال : أحدها : أنه عبارة عن الإشارة كيف كانت باليد ، أو الرأس ، أو الحاجب ، أو العين ، أو الشفة .

والثاني : أنه عبارة عن تحريك الشفتين باللفظ من غير نطق وصوت . قالوا : وحمل الرمز على هذا المعنى أولى ؛ لأن الإشارة بالشفتين يمكن وقوعها بحيث تكون حركات الشفتين وقت الرمز مطابقة لحركاتهما عند النطق فيكون الاستدلال بتلك الحركات على المعاني الذهنية أسهل .

والثالث : وهو أنه كان يمكنه أن يتكلم بالكلام الخفي ، وأما رفع الصوت بالكلام فكان ممنوعا منه .

فإن قيل : الرمز ليس من جنس الكلام فكيف استثني منه ؟

قلنا : لما أدى ما هو المقصود من الكلام سمي كلاما ، ويجوز أيضا أن يكون استثناء منقطعا فأما إن [ ص: 37 ] حملنا الرمز على الكلام الخفي فإن الإشكال زائل .

المسألة الثانية : قرأ يحيى بن وثاب " إلا رمزا " بضمتين جمع رموز ، كرسول ورسل ، وقرئ " رمزا " بفتح الراء والميم جمع رامز ، كخادم وخدم ، وهو حال منه ومن الناس ، ومعنى " إلا رمزا " إلا مترامزين ، كما يتكلم الناس مع الأخرس بالإشارة ويكلمهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية