1. الرئيسية
  2. التفسير الكبير
  3. سورة آل عمران
  4. قوله تعالى لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم
صفحة جزء
المسألة الثالثة : اعلم أن بعثة الرسول إحسان من الله إلى الخلق ثم إنه لما كان الانتفاع بالرسول أكثر كان وجه الإنعام في بعثة الرسل أكثر ، وبعثة محمد صلى الله عليه وسلم كانت مشتملة على الأمرين :

أحدهما : المنافع الحاصلة من أصل البعثة .

والثاني : المنافع الحاصلة بسبب ما فيه من الخصال التي ما كانت موجودة في غيره .

أما المنفعة بسبب أصل البعثة فهي التي ذكرها الله تعالى في قوله : ( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ) [النساء : 165] قال أبو عبد الله الحليمي : وجه الانتفاع ببعثة الرسل ليس إلا في طريق الدين وهو من وجوه :

الأول : أن الخلق جبلوا على النقصان وقلة الفهم وعدم الدراية ، فهو صلوات الله عليه أورد عليهم وجوه الدلائل ونقحها ، وكلما خطر ببالهم شك أو شبهة أزالها وأجاب عنها .

والثاني : أن الخلق وإن كانوا يعلمون أنه لا بد لهم من خدمة مولاهم ، ولكنهم ما كانوا عارفين بكيفية تلك الخدمة ، فهو شرح تلك الكيفية لهم حتى يقدموا على الخدمة آمنين من الغلط ومن الإقدام على ما لا ينبغي .

والثالث : أن الخلق جبلوا على الكسل والغفلة والتواني والملالة فهو يورد عليهم أنواع الترغيبات والترهيبات حتى إنه كلما عرض لهم كسل أو فتور نشطهم للطاعة ورغبهم فيها .

الرابع : أن أنوار عقول الخلق تجري مجرى أنوار البصر ، ومعلوم أن الانتفاع بنور البصر لا يكمل إلا عند سطوع نور الشمس ، ونوره عقلي إلهي [ ص: 65 ] يجري مجرى طلوع الشمس ، فيقوي العقول بنور عقله ، ويظهر لهم من لوائح الغيب ما كان مستترا عنهم قبل ظهوره ، فهذا إشارة حقيقية إلى فوائد أصل البعثة .

وأما المنافع الحاصلة بسبب ما كان في محمد صلى الله عليه وسلم من الصفات ، فأمور ذكرها الله تعالى في هذه الآية أولها قوله : ( من أنفسهم ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية