صفحة جزء
المسألة الثالثة : قال أبو حنيفة - رضي الله عنه - : لو تزوج بها على تعليم سورة من القرآن لم يكن ذلك مهرا ولها مهر مثلها ، ثم قال : إذا تزوج امرأة على خدمته سنة ، فإن كان حرا فلها مهر مثلها ، وإن كان عبدا فلها خدمة سنة ، وقال الشافعي - رحمة الله عليه - : يجوز جعل ذلك مهرا ، احتج أبو حنيفة على قوله بوجوه :

الأول : هذه الآية ، وذلك أنه تعالى شرط في حصول الحل أن يكون الابتغاء بالمال ، والمال اسم للأعيان لا للمنافع .

الثاني : قال تعالى : ( فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا ) [ النساء : 4 ] وذلك صفة الأعيان .

أجاب الشافعي عن الأول بأن الآية تدل على أن الابتغاء بالمال جائز ، وليس فيه بيان أن الابتغاء بغير المال جائز أم لا ، وعن الثاني : أن لفظ الإيتاء كما يتناول الأعيان يتناول المنافع الملتزمة ، وعن الثالث : أنه خرج الخطاب على الأعم الأغلب ، ثم احتج الشافعي - رضي الله عنه - على جواز جعل المنفعة صداقا بوجوه :

الحجة الأولى : قوله تعالى في قصة شعيب : ( إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج ) [ القصص : 27 ] جعل الصداق تلك المنافع ، والأصل في شرع من تقدمنا البقاء إلى أن يطرأ الناسخ .

الحجة الثانية : أن التي وهبت نفسها ، لما لم يجد الرجل الذي أراد أن يتزوج بها شيئا ، قال عليه الصلاة والسلام : " هل معك شيء من القرآن ؟ قال : نعم سورة كذا ، قال : زوجتكها بما معك من القرآن " ، والله أعلم . [ ص: 40 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية