قوله تعالى : ( 
فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات   ) فيه مسائل : 
المسألة الأولى : قوله : ( 
فمن ما ملكت أيمانكم   ) أي : فليتزوج مما ملكت أيمانكم . قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس    : يريد جارية أختك ، فإن 
الإنسان لا يجوز له أن يتزوج بجارية نفسه   . 
المسألة الثانية : الفتيات : المملوكة جمع فتاة ، والعبد فتى ، وعن النبي صلى الله عليه وسلم : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012348لا يقولن أحدكم عبدي ولكن ليقل فتاي وفتاتي   " ويقال للجارية الحديثة : فتاة ، وللغلام فتى ، والأمة تسمى فتاة ، عجوزا كانت أو شابة ؛ لأنها كالشابة في أنها لا توقر توقير الكبير . 
المسألة الثالثة : قوله : ( 
من فتياتكم المؤمنات   ) يدل على تقييد نكاح الأمة بما إذا كانت مؤمنة فلا يجوز 
التزوج بالأمة الكتابية ، سواء كان الزوج حرا أو عبدا ، وهذا قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد  وسعيد  والحسن  ، وقول 
مالك   nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي  ، وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة    : يجوز التزوج بالأمة الكتابية . 
حجة 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي    - رضي الله عنه - : أن قوله : ( 
من فتياتكم المؤمنات   ) تقييد لجواز نكاح الأمة بكونها مؤمنة ، وذلك ينفي جواز نكاح غير المؤمنة من الوجهين اللذين ذكرناهما في مسألة طول الحرة ، وأيضا قال تعالى : ( 
ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن   ) [ البقرة : 221 ] . 
حجة 
 nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة    - رضي الله عنه - من وجوه : النص والقياس : أما النص فالعمومات التي ذكرنا تمسكه بها في طول الحرة ، وآكدها قوله : ( 
والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم   ) [ المائدة : 5 ] وأما القياس فهو أنا أجمعنا على أن الكتابية الحرة مباحة ، والكتابية المملوكة أيضا مباحة ، فكذلك إذا تزوج بالكتابية المملوكة وجب أنه يجوز . 
والجواب عن العمومات : أن دلائلنا خاصة فتكون مقدمة على العمومات ، وعن القياس : أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي  قال : إذا تزوج بالحرة الكتابية فهناك نقص واحد ، أما إذا تزوج بالأمة الكتابية فهناك نوعان من النقص : الرق والكفر ، فظهر الفرق . 
ثم قال تعالى : ( 
والله أعلم بإيمانكم   ) قال 
الزجاج    : معناه 
اعملوا على الظاهر في الإيمان فإنكم مكلفون بظواهر الأمور ، والله يتولى السرائر والحقائق . 
ثم قال تعالى : ( 
بعضكم من بعض   ) وفيه وجهان : 
الأول : كلكم أولاد 
آدم  فلا تداخلنكم أنفة من تزوج الإماء عند الضرورة . 
والثاني : أن المعنى : كلكم مشتركون في الإيمان ، والإيمان أعظم الفضائل ، فإذا حصل الاشتراك في أعظم الفضائل كان التفاوت فيما وراءه غير ملتفت إليه ، ونظيره قوله تعالى : ( 
والمؤمنون   )   
[ ص: 50 ]   ( 
والمؤمنات بعضهم أولياء بعض   ) [ التوبة : 71 ] وقوله : ( 
إن أكرمكم عند الله أتقاكم   ) [ الحجرات : 13 ] قال 
الزجاج    : فهذا الثاني أولى لتقدم ذكر المؤمنات ، أو لأن الشرف بشرف الإسلام أولى منه بسائر الصفات ، وهو يقوي قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي    - رضي الله عنه - : إن 
الإيمان شرط لجواز نكاح الأمة   . 
واعلم أن الحكمة في ذكر هذه الكلمة أن العرب كانوا يفتخرون بالأنساب ، فأعلم في ذكر هذه الكلمة أن الله لا ينظر ولا يلتفت إليه . روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال : " 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012349ثلاث من أمر الجاهلية   : الطعن في الأنساب ، والفخر بالأحساب ، والاستسقاء بالأنواء ، ولا يدعها الناس في الإسلام   " وكان أهل الجاهلية يضعون من ابن الهجين ، فذكر تعالى هذه الكلمة زجرا لهم عن أخلاق أهل الجاهلية .