ثم قال تعالى : ( 
انظر كيف يفترون على الله الكذب   ) وفيه مسألتان : 
المسألة الأولى : هذا تعجيب للنبي - صلى الله عليه وسلم - من فريتهم على الله ، وهي 
تزكيتهم أنفسهم وافتراؤهم على الله ، وهو قولهم : ( 
نحن أبناء الله وأحباؤه   ) [ المائدة : 18 ] ، وقولهم : ( 
لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى   ) [ البقرة : 111 ] وقولهم : ما عملناه بالنهار يكفر عنا بالليل . 
المسألة الثانية : مذهبنا أن 
الخبر عن الشيء إذا كان على خلاف المخبر عنه كان كذبا ، سواء علم قائله كونه كذلك أو لم يعلم ، وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=13974الجاحظ    : شرط كونه كذبا أن يعلم كونه بخلاف ذلك ، وهذه الآية دليل لنا ؛   
[ ص: 103 ] لأنهم كانوا يعتقدون في أنفسهم الزكاء والطهارة ، ثم لما أخبروا بالزكاة والطهارة كذبهم الله فيه ، وهذا يدل على ما قلناه . 
ثم قال تعالى : ( 
وكفى به إثما مبينا   ) وإنما يقال : كفى به في التعظيم على جهة المدح أو على جهة الذم ، أما في المدح فكقوله : ( 
وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا   ) [ النساء : 45 ] وأما في الذم فكما في هذا الموضع . وقوله : ( 
إثما مبينا   ) منصوب على التمييز .