[ ص: 177 ]   ( 
فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق   ) ثم قال تعالى : ( 
فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا   ) . والمعنى فإن أعرضوا عن الهجرة ولزموا مواضعهم خارجا عن 
المدينة  فخذوهم إذا قدرتم عليهم ، واقتلوهم أينما وجدتموهم في الحل والحرم ، ولا تتخذوا منهم في هذه الحالة وليا يتولى شيئا من مهماتكم ولا نصيرا ينصركم على أعدائكم . 
واعلم أنه تعالى لما أمر بقتل هؤلاء الكفار استثنى منه موضعين . 
  ( إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق   )   . 
وفيه مسائل : 
المسألة الأولى : في قوله : ( 
يصلون   ) قولان : 
الأول : ينتهون إليهم ويتصلون بهم ، والمعنى أن كل من دخل في عهد من كان داخلا في عهدكم فهم أيضا داخلون في عهدكم . قال 
القفال  رحمه الله : وقد يدخل في الآية أن يقصد قوم حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم فيتعذر عليهم ذلك المطلوب فيلجأوا إلى قوم بينهم وبين المسلمين عهد إلى أن يجدوا السبيل إليه . 
القول الثاني : أن قوله : ( 
يصلون   ) معناه ينتسبون ، وهذا ضعيف لأن 
أهل مكة  أكثرهم كانوا متصلين بالرسول من جهة النسب مع أنه صلى الله عليه وسلم كان قد أباح دم الكفار منهم . 
المسألة الثانية : اختلفوا في أن القوم الذين كان بينهم وبين المسلمين عهد من هم ؟ قال بعضهم هم 
الأسلميون  فإنه كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد ، فإنه عليه الصلاة والسلام وادع وقت خروجه إلى 
مكة  هلال بن عويمر الأسلمي  على أن لا يعصيه ولا يعين عليه ، وعلى أن كل من وصل إلى هلال ولجأ إليه فله من الجوار مثل ما 
لهلال    . وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس    : هم 
بنو بكر بن زيد مناة  ، وقال 
مقاتل    : هم 
خزاعة  وخزيمة بن عبد مناة    . 
واعلم أن ذلك يتضمن بشارة عظيمة لأهل الإيمان ، لأنه تعالى لما رفع السيف عمن التجأ إلى من التجأ إلى المسلمين ، فبأن يرفع العذاب في الآخرة عمن التجأ إلى محبة الله ومحبة رسوله كان أولى والله أعلم .