صفحة جزء
[ ص: 30 ] ( ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة ) .

ثم قال تعالى : ( ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة ) ( ها ) للتنبيه في : ( ها أنتم ) ، و ( هؤلاء ) وهما مبتدأ وخبر ، ( جادلتم ) جملة مبينة لوقوع ( أولاء ) خبرا ، كما تقول لبعض الأسخياء : أنت حاتم تجود بمالك وتؤثر على نفسك ، ويجوز أن يكون : ( أولاء ) اسما موصولا بمعنى الذي ، و ( جادلتم ) صلة ، وأما الجدال فهو في اللغة : عبارة عن شدة المخاصمة ، وجدل الحبل : شدة فتله ، ورجل مجدول : كأنه فتل ، والأجدل : الصقر ؛ لأنه من أشد الطيور قوة . هذا قول الزجاج . وقال غيره : سميت المخاصمة جدالا ؛ لأن كل واحد من الخصمين يريد ميل صاحبه عما هو عليه وصرفه عن رأيه .

إذا عرفت هذا فنقول : هذا خطاب مع قوم من المؤمنين ، كانوا يذبون عن طعمة ، وعن قومه ؛ بسبب أنهم كانوا في الظاهر من المسلمين ، والمعنى : هبوا أنكم خاصمتم عن طعمة وقومه في الدنيا ، فمن الذين يخاصمون عنهم في الآخرة إذا أخذهم الله بعذابه . وقرأ عبد الله بن مسعود : ها أنتم هؤلاء جادلتم عنه ، يعني : عن طعمة ، وقوله : ( فمن يجادل الله عنهم ) استفهام بمعنى التوبيخ والتقريع .

التالي السابق


الخدمات العلمية