1. الرئيسية
  2. التفسير الكبير
  3. سورة النساء
  4. قوله تعالى أم من يكون عليهم وكيلا ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما
صفحة جزء
( أم من يكون عليهم وكيلا ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) .

ثم قال تعالى : ( أم من يكون عليهم وكيلا ) فقوله : ( أم من يكون ) عطف على الاستفهام السابق ، والوكيل : هو الذي وكل إليه الأمر في الحفظ والحماية ، والمعنى : من الذي يكون محافظا ومحاميا لهم من عذاب الله ؟ .

واعلم أنه تعالى لما ذكر الوعيد في هذا الباب أتبعه بالدعوة إلى التوبة ، وذكر فيه ثلاثة أنواع من الترغيب .

فالأول : قوله تعالى : ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) .

والمراد بالسوء : القبيح الذي يسوء به غيره ، كما فعل طعمة من سرقة الدرع ، ومن رمي اليهودي بالسرقة ، والمراد بظلم النفس : ما يختص به الإنسان كالحلف الكاذب ، وإنما خص ما يتعدى إلى الغير باسم السوء ؛ لأن ذلك يكون في الأكثر إيصالا للضرر إلى الغير ، والضرر سوء حاضر ، فأما الذنب الذي يخص الإنسان فذلك في الأكثر لا يكون ضررا حاضرا ؛ لأن الإنسان لا يوصل الضرر إلى نفسه .

واعلم أن هذه الآية دالة على حكمين :

الأول : أن التوبة مقبولة عن جميع الذنوب سواء كانت كفرا أو قتلا ، عمدا أو غصبا للأموال ؛ لأن قوله : ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ) عم الكل .

الثاني : أن ظاهر الآية يقتضي أن مجرد الاستغفار كاف ، وقال بعضهم : أنه مقيد بالتوبة ؛ لأنه لا ينفع الاستغفار مع الإصرار ، وقوله : ( يجد الله غفورا رحيما ) معناه : غفورا رحيما له ، وحذف هذا القيد لدلالة الكلام عليه ، فإنه لا معنى للترغيب [ ص: 31 ] في الاستغفار إلا إذا كان المراد ذلك .

والنوع الثاني : من الكلمات المرغبة في التوبة :

التالي السابق


الخدمات العلمية