صفحة جزء
المسألة العاشرة : في تفاريع التسمية وفيه فروع : -

الفرع الأول : قالت الشيعة : السنة هي الجهر بالتسمية ، سواء كانت في الصلاة الجهرية أو السرية ، وجمهور الفقهاء يخالفونهم فيه .

الفرع الثاني : الذين قالوا : التسمية ليست آية من أوائل السور ، اختلفوا في سبب إثباتها في المصحف في أول كل سورة ، وفيه قولان : الأول : أن التسمية ليست من القرآن ، وهؤلاء فريقان : منهم من قال : إنها كتبت للفصل بين السور ، وهذا الفصل قد صار الآن معلوما ، فلا حاجة إلى إثبات التسمية ، فعلى هذا لو لم تكتب لجاز : ، ومنهم من قال : إنه يجب إثباتها في المصاحف ولا يجوز تركها أبدا . والقول الثاني أنها من القرآن ، وقد أنزلها الله تعالى ، ولكنها آية مستقلة بنفسها ، وليست آية من السورة ، وهؤلاء أيضا فريقان : منهم من قال : إن الله تعالى كان ينزلها في أول كل سورة على حدة ، ومنهم من قال : لا ، بل أنزلها مرة واحدة ، وأمر بإثباتها في أول كل سورة ، والذي يدل على أن الله تعالى أنزلها ، وعلى أنها من القرآن ما روي عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعد بسم الله الرحمن الرحيم آية فاصلة ، وعن إبراهيم بن يزيد قال : قلت لعمرو بن دينار : إن الفضل الرقاشي يزعم أن بسم الله الرحمن الرحيم ليس من القرآن ، فقال : سبحان الله ما أجرأ هذا الرجل ! سمعت سعيد بن جبير يقول : سمعت ابن عباس يقول : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أنزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم علم أن تلك السورة قد ختمت وفتح غيرها ، وعن عبد الله بن المبارك أنه قال : من ترك بسم الله الرحمن الرحيم فقد ترك مائة وثلاث عشرة آية ، وروي مثله عن ابن عمر ، وأبي هريرة .

[ ص: 171 ] الفرع الثالث : القائلون بأن التسمية آية من الفاتحة وأن الفاتحة يجب قراءتها في الصلاة ، لا شك أنهم يوجبون قراءة التسمية أما الذين لا يقولون به فقد اختلفوا ، فقال أبو حنيفة ، وأتباعه ، والحسن بن صالح بن جني ، وسفيان الثوري ، وابن أبي ليلى : يقرأ التسمية سرا ، وقال مالك : لا ينبغي أن يقرأها في المكتوبة لا سرا ولا جهرا ، وأما في النافلة فإن شاء قرأها وإن شاء ترك .

الفرع الرابع : مذهب الشافعي يقتضي وجوب قراءتها في كل الركعات ، أما أبو حنيفة فعنه روايتان : روى يعلى عن أبي يوسف عن أبي حنيفة أنه يقرأها في كل ركعة قبل الفاتحة ، وروى أبو يوسف ، ومحمد ، والحسن بن زياد ثلاثتهم جميعا ، عن أبي حنيفة أنه قال : إذا قرأها في أول ركعة عند ابتداء القراءة لم يكن عليه أن يقرأها في تلك الصلاة حتى يفرغ منها ، قال : وإن قرأها مع كل سورة فحسن .

الفرع الخامس : ظاهر قول أبي حنيفة أنه لما قرأ التسمية في أول الفاتحة فإنه لا يعيدها في أوائل سائر السور ، وعند الشافعي أن الأفضل إعادتها في أول كل سورة ؛ لقوله عليه السلام : كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر .

الفرع السادس : اختلفوا في أنه هل يجوز للحائض والجنب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم ؟ والصحيح عندنا أنه لا يجوز .

الفرع السابع : أجمع العلماء على أن تسمية الله على الوضوء مندوبة ، وعامة العلماء على أنها غير واجبة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : توضأ كما أمرك الله به ، والتسمية غير مذكورة في آية الوضوء ، وقال أهل : الظاهر إنها واجبة ، فلو تركها عمدا أو سهوا لم تصح صلاته ، وقال إسحاق : إن تركها عامدا لم يجز ، وإن تركها ساهيا جاز .

الفرع الثامن : متروك التسمية عند التذكية هل يحل أكله أم لا ؟ المسألة في غاية الشهرة ، قال الله تعالى : ( فاذكروا اسم الله عليها صواف ) [ الحج : 36 ] وقال تعالى : ( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ) [ الأنعام : 121 ] .

الفرع التاسع : أجمع العلماء على أنه يستحب أن لا يشرع في عمل من الأعمال وإلا ويقول : " بسم الله " فإذا نام قال : " بسم الله " ، وإذا قام من مقامه قال : " بسم الله " ، وإذا قصد العبادة قال : " بسم الله " ، وإذا دخل الدار قال : " بسم الله " ، أو خرج منها قال : " بسم الله " ، وإذا أكل أو شرب أو أخذ أو أعطى قال : " بسم الله " ، ويستحب للقابلة إذا أخذت الولد من الأم أن تقول : " بسم الله " ، وهذا أول أحواله من الدنيا ، وإذا مات وأدخل القبر قيل : " بسم الله " وهذا آخر أحواله من الدنيا ، وإذا قام من القبر قال أيضا : " بسم الله " ، وإذا حضر الموقف قال : " بسم الله " ، فتتباعد عنه النار ببركة قوله : " بسم الله " .

التالي السابق


الخدمات العلمية