صفحة جزء
[ ص: 15 ] ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين )

قوله تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض )

اعلم أنه تم الكلام عند قوله : ( أولياء ) ثم ابتدأ ، فقال ( بعضهم أولياء بعض ) وروي أن عبادة بن الصامت جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبرأ عنده من موالاة اليهود ، فقال عبد الله بن أبي : لكني لا أتبرأ منهم ; لأني أخاف الدوائر ، فنزلت هذه الآية ، ومعنى لا تتخذوهم أولياء : أي لا تعتمدوا على الاستنصار بهم ، ولا تتوددوا إليهم .

ثم قال : ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) قال ابن عباس : يريد كأنه مثلهم ، وهذا تغليظ من الله وتشديد في وجوب مجانبة المخالف في الدين ، ونظيره قوله : ( ومن لم يطعمه فإنه مني ) [البقرة : 249] .

ثم قال : ( إن الله لا يهدي القوم الظالمين ) روي عن أبي موسى الأشعري أنه قال : قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : إن لي كاتبا نصرانيا ، فقال : ما لك قاتلك الله ؟ ألا اتخذت حنيفا ، أما سمعت قول الله تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء ) ؟ قلت : له دينه ولي كتابته ، فقال : لا أكرمهم إذ أهانهم الله ، ولا أعزهم إذ أذلهم الله ، ولا أدنيهم إذ أبعدهم الله ، قلت : لا يتم أمر البصرة إلا به ، فقال : مات النصراني والسلام ، يعني هب أنه قد مات فما تصنع بعده ، فما تعمله بعد موته فاعمله الآن واستغن عنه بغيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية