[ ص: 231 ] الفصل الثامن 
في 
السبب المقتضي لاشتمال بسم الله الرحمن الرحيم على الأسماء الثلاثة 
وفيه وجوه : 
( الأول ) : لا شك أنه تعالى يتجلى لعقول الخلق ، إلا أن لذلك التجلي ثلاث مراتب : فإنه في أول الأمر يتجلى بأفعاله وآياته ، وفي وسط الأمر يتجلى بصفاته ، وفي آخر الأمر يتجلى بذاته ، قيل إنه تعالى يتجلى لعامة عباده بأفعاله وآياته ، قال : ( 
ومن آياته الجواري في البحر كالأعلام   ) [ الشورى : 32 ] وقال : ( 
إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات   ) [ آل عمران : 190 ] ثم يتجلى لأوليائه بصفاته قال : ( 
ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا   ) [ آل عمران : 191 ] ويتجلى لأكابر الأنبياء ورؤساء الملائكة بذاته ( 
قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون   ) [ الأنعام : 91 ] إذا عرفت هذا فنقول : اسم الله عز وجل أقوى الأسماء في تجلي ذاته لأنه أظهر الأسماء في اللفظ ، وأبعدها معنى عن العقول ، فهو ظاهر باطن ، يعسر إنكاره ولا تدرك أسراره ، قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14156الحسين بن منصور الحلاج    : 
اسم مع الخلق قد تاهوا به ولها ليعلموا منه معنى من معانيه     والله ما وصلوا منه إلى سبب 
حتى يكون الذي أبداه مبديه 
وقال أيضا : 
يا سر سر يدق حتى     يخفى على وهم كل حي 
فظاهرا باطنا تجلى     لكل شيء بكل شي 
وأما اسمه الرحمن فهو يفيد تجلي الحق بصفاته العالية ؛ ولذلك قال : ( 
قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى   ) [ الإسراء : 110 ] وأما اسمه الرحيم فهو يفيد تجلي الحق بأفعاله وآياته ولهذا السبب قال ( 
ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما   ) [ غافر : 7 ] .