1. الرئيسية
  2. التفسير الكبير
  3. سورة الأنعام
  4. قوله تعالى قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين
صفحة جزء
ثم قال : ( فيكشف ما تدعون إليه ) أي فيكشف الضر الذي من أجله دعوتم وتنسون ما تشركون به ، وفيه وجوه :

الأول : قال ابن عباس : المراد تتركون الأصنام ولا تدعونهم لعلمكم أنها لا تضر ولا تنفع .

الثاني : قال الزجاج : يجوز أن يكون المعنى أنكم في ترككم دعاءهم بمنزلة من قد نسيهم ، وهذا قول الحسن لأنه قال : يعرضون إعراض الناسي ، ونظيره قوله تعالى : ( حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله ) [ يونس : 22 ] ولا يذكرون الأوثان .

المسألة الرابعة : هذه الآية تدل على أنه تعالى قد يجيب الدعاء إن شاء وقد لا يجيبه ، لأنه تعالى قال : ( فيكشف ما تدعون إليه إن شاء ) ولقائل أن يقول : إن قوله : ( ادعوني أستجب لكم ) [ غافر : 60 ] يفيد الجزم بحصول الإجابة ، فكيف الطريق إلى الجمع بين الآيتين .

والجواب أن نقول : تارة يجزم تعالى بالإجابة وتارة لا يجزم ، إما بحسب محض المشيئة كما هو قول أصحابنا ، أو بحسب رعاية المصلحة كما هو قول المعتزلة ، ولما كان كلا الأمرين حاصلا لا جرم وردت الآيتان على هذين الوجهين .

المسألة الخامسة : حاصل هذا الكلام كأنه تعالى يقول لعبدة الأوثان : إذا كنتم ترجعون عند نزول الشدائد إلى الله تعالى لا إلى الأصنام والأوثان ، فلم تقدمون على عبادة الأصنام التي لا تنتفعون بعبادتها ألبتة ؟ وهذا الكلام إنما يفيد لو كان ذكر الحجة والدليل مقبولا . أما لو كان ذلك مردودا وكان الواجب هو محض التقليد ، كان هذا الكلام ساقطا ، فثبت أن هذه الآية أقوى الدلائل على أن أصل الدين هو الحجة والدليل . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية