( 
فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين   ) 
قوله تعالى : ( 
فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين   ) 
في الآية مباحث نذكرها في معرض السؤال والجواب .  
[ ص: 135 ] السؤال الأول : " الفاء " في قوله : ( 
فكلوا مما ذكر اسم الله عليه   ) يقتضي تعلقا بما تقدم ، فما ذلك الشيء ؟ 
والجواب : قوله : ( فكلوا ) مسبب عن إنكار اتباع المضلين الذين يحللون الحرام ويحرمون الحلال ، وذلك أنهم كانوا يقولون للمسلمين : إنكم تزعمون أنكم تعبدون الله فما قتله الله أحق أن تأكلوه مما قتلتموه أنتم . فقال الله للمسلمين : إن كنتم متحققين بالإيمان 
فكلوا مما ذكر اسم الله عليه وهو المذكى ببسم الله . 
السؤال الثاني : القوم كانوا يبيحون أكل ما ذبح على اسم الله ولا ينازعون فيه ، وإنما النزاع في أنهم أيضا كانوا يبيحون 
أكل الميتة ، والمسلمون كانوا يحرمونها ، وإذا كان كذلك كان ورود الأمر بإباحة ما ذكر اسم الله عليه عبثا لأنه يقتضي إثبات الحكم في المتفق عليه وترك الحكم في المختلف فيه . 
والجواب : فيه وجهان : 
الأول : لعل القوم كانوا يحرمون أكل المذكاة ويبيحون أكل الميتة ، فالله تعالى رد عليهم في الأمرين ، فحكم بحل المذكاة بقوله : ( 
فكلوا مما ذكر اسم الله عليه   ) وبتحريم الميتة بقوله : ( 
ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه   ) . 
الثاني : أن نحمل قوله : ( 
فكلوا مما ذكر اسم الله عليه   ) على أن المراد اجعلوا أكلكم مقصورا على ما ذكر اسم الله عليه ، فيكون المعنى على هذا الوجه تحريم أكل الميتة فقط . 
السؤال الثالث : قوله : ( 
فكلوا مما ذكر اسم الله عليه   ) صيغة الأمر ، وهي للإباحة . وهذه الإباحة حاصلة في حق المؤمن وغير المؤمن ، وكلمة " إن " في قوله : ( 
إن كنتم بآياته مؤمنين   ) تفيد الاشتراط . 
والجواب : التقدير ليكن أكلكم مقصورا على ما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين والمراد أنه لو حكم بإباحة أكل الميتة لقدح ذلك في كونه مؤمنا .