ثم قال تعالى : ( 
فلا يكن في صدرك حرج منه   ) وفي تفسير الحرج قولان : الأول : الحرج الضيق ، والمعنى : لا يضيق صدرك بسبب أن يكذبوك في التبليغ . 
والثاني : ( 
فلا يكن في صدرك حرج منه   ) أي : شك   
[ ص: 15 ] منه ، كقوله تعالى : ( 
فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك   ) [يونس : 94] وسمي الشك حرجا ، لأن الشاك ضيق الصدر حرج الصدر ، كما أن المتيقن منشرح الصدر منفسح القلب . 
ثم قال تعالى : ( 
لتنذر به   ) هذه "اللام" بماذا تتعلق ؟ 
فيه أقوال : 
الأول : قال 
الفراء    : إنه متعلق بقوله : ( 
أنزل إليك   ) على التقديم والتأخير ، والتقدير : كتاب أنزل إليك لتنذر به فلا يكن في صدرك حرج منه . 
فإن قيل : فما فائدة هذا التقديم والتأخير ؟ 
قلنا : لأن الإقدام على الإنذار والتبليغ لا يتم ولا يكمل إلا عند زوال الحرج عن الصدر ، فلهذا السبب أمره الله تعالى بإزالة الحرج عن الصدر ، ثم أمره بعد ذلك بالإنذار والتبليغ . 
الثاني : قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري    : اللام ههنا بمعنى : كي . والتقدير : فلا يكن في صدرك شك كي تنذر غيرك . 
الثالث : قال صاحب "النظم" : اللام ههنا : بمعنى : أن . والتقدير : لا يضق صدرك ولا يضعف عن أن تنذر به ، والعرب تضع هذه اللام في موضع "أن" قال تعالى : ( 
يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم   ) [التوبة : 32] وفي موضع آخر ( 
يريدون ليطفئوا   ) [الصف : 8] وهما بمعنى واحد . 
والرابع : تقدير الكلام : إن هذا الكتاب أنزله الله عليك ، وإذا علمت أنه تنزيل الله تعالى ، فاعلم أن عناية الله معك ، وإذا علمت هذا فلا يكن في صدرك حرج ، لأن 
من كان الله حافظا له وناصرا ، لم يخف أحدا ، وإذا زال الخوف والضيق عن القلب ، فاشتغل بالإنذار والتبليغ والتذكير اشتغال الرجال الأبطال ، ولا تبال بأحد من أهل الزيغ والضلال والإبطال .