الصفة التاسعة : قوله تعالى :( 
ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم   ) وفيه مسألتان : 
المسألة الأولى : قرأ 
ابن عامر  وحده " آصارهم " على الجمع ، والباقون( 
إصرهم   ) على الواحد . قال 
أبو علي الفارسي    : الإصر مصدر يقع على الكثرة مع إفراد لفظه ، يدل على ذلك إضافته ، وهو مفرد إلى الكثرة ، كما قال :( 
ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم   ) [ البقرة : 20 ] ومن جمع أراد ضروبا من العهود مختلفة ، والمصادر قد تجمع إذا اختلفت ضروبها كما في قوله :( 
وتظنون بالله الظنون   ) [ الأحزاب : 10 ] . 
المسألة الثانية : 
الإصر الثقل الذي يأصر صاحبه ، أي يحبسه من الحراك لثقله ، والمراد منه : أن شريعة 
موسى    - عليه السلام - كانت شديدة . وقوله :( 
والأغلال التي كانت عليهم   ) المراد منه : الشدائد التي كانت في عباداتهم كقطع أثر البول ، وقتل النفس في التوبة ، وقطع الأعضاء الخاطئة ، وتتبع العروق من اللحم ، وجعلها الله أغلالا ، لأن التحريم يمنع من الفعل ، كما أن الغل يمنع عن الفعل ، وقيل : كانت 
بنو إسرائيل  إذا قامت إلى الصلاة لبسوا المسوح ، وغلوا أيديهم إلى أعناقهم تواضعا لله تعالى ، فعلى هذا القول الأغلال غير مستعارة . 
واعلم أن هذه الآية تدل على أن 
الأصل في المضار أن لا تكون مشروعة ، لأن كل ما كان ضررا كان إصرا وغلا ، وظاهر هذا النص يقتضي عدم المشروعية ، وهذا نظير لقوله - عليه الصلاة والسلام - : ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012540لا ضرر ولا ضرار في الإسلام   ) ، ولقوله - عليه الصلاة والسلام - : ( 
nindex.php?page=hadith&LINKID=16012041بعثت بالحنيفية السهلة السمحة   ) وهو أصل كبير في الشريعة . 
واعلم أنه لما وصف 
محمدا    - عليه الصلاة والسلام - بهذه الصفات التسع . قال بعده :( 
فالذين آمنوا به   ) قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس    : يعني من 
اليهود    ( 
وعزروه   ) يعني وقروه . قال صاحب ( الكشاف ) : أصل التعزير المنع ، ومنه التعزير وهو الضرب دون الحد ، لأنه منع من معاودة القبيح . 
ثم قال تعالى :( 
ونصروه   ) أي على عدوه( 
واتبعوا النور الذي أنزل معه   ) وهو القرآن ، وقيل الهدى والبيان والرسالة . وقيل الحق الذي بيانه في القلوب كبيان النور . 
فإن قيل : كيف يمكن حمل النور ههنا على القرآن ؟ والقرآن ما أنزل مع 
محمد  ، وإنما أنزل مع 
جبريل    . 
قلنا : معناه إنه أنزل مع نبوته لأن نبوته ظهرت مع ظهور القرآن . 
ثم إنه تعالى لما ذكر هذه الصفات قال :( 
أولئك هم المفلحون   ) أي هم الفائزون بالمطلوب في الدنيا والآخرة .