1. الرئيسية
  2. التفسير الكبير
  3. سورة التوبة
  4. قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل
صفحة جزء
المسألة الرابعة : الصحيح عندنا وجوب الزكاة في الحلي ، والدليل عليه قوله تعالى :( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ) .

فإن قيل : هذا الوعيد إنما يتناول الرجال لا النساء .

قلنا : نتكلم في الرجل الذي اتخذ الحلي لنسائه ، وأيضا ترتيب هذا الوعيد على جمع الذهب والفضة حكم مرتب على وصف يناسبه ، وهو أن جمع ذلك المال يمنعه من صرفه إلى المحتاجين مع أنه لا حاجة إليه ، إذ لو احتاج إلى إنفاقه لما قدر على جمعه ، وإقدام غير المحتاج على منع المال من المحتاج يناسب أن يمنع منه ، فثبت أن هذا الوعيد مرتب على وصف يناسبه ، والحكم المذكور عقيب وصف يناسبه يجب كونه معللا به ، فثبت أن هذا الوعيد لذلك الجمع ، فأينما حصل ذلك الوصف وجب أن يحصل معه ذلك الوعيد ، وأيضا إن العمومات الواردة في إيجاب الزكاة موجودة في الحلي المباح قال عليه السلام : " هاتوا ربع عشر أموالكم " وقال : " في الرقة ربع العشر " وقال : "يا علي عليك زكاة ، فإذا ملكت عشرين مثقالا ، فأخرج نصف مثقال " وقال : " ليس في المال حق سوى الزكاة " وقال : " لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول " فهذه الآية مع جميع هذه الأخبار توجب الزكاة في الحلي المباح ، ثم نقول : ولم يوجد لهذا الدليل معارض من الكتاب ، وهو ظاهر ؛ لأنه ليس في القرآن ما يدل على أنه زكاة في الحلي المباح ، ولم يوجد في الأخبار أيضا معارض إلا أن أصحابنا نقلوا فيه خبرا ، وهو قوله عليه السلام : " لا زكاة في الحلي المباح " إلا أن أبا عيسى الترمذي قال : لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلي خبر صحيح ، وأيضا بتقدير أن يصح هذا الخبر فنحمله على اللآلئ ؛ لأنه قال : لا زكاة في الحلي ، ولفظ الحلي مفرد محلى بالألف واللام ، وقد دللنا على أنه لو كان هناك معهود سابق ، وجب انصرافه إليه ، والمعهود في القرآن في لفظ الحلي اللآلئ ، قال تعالى :(وتستخرجوا منه حلية تلبسونها ) [النحل : 14] وإذا كان كذلك انصرف لفظ الحلي إلى اللآلئ ، فسقطت دلالته ، وأيضا الاحتياط في القول بوجوب الزكاة ، وأيضا لا يمكن معارضة هذا النص بالقياس ؛ لأن النص خير من القياس ، فثبت أن الحق ما ذكرناه .

التالي السابق


الخدمات العلمية