( 
لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم   ) 
قوله تعالى :( 
لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم   ) 
واعلم أنه تعالى لما شرح حال المنافقين في الفرار عن الجهاد بين أن حال الرسول والذين آمنوا معه بالضد منه ، حيث 
بذلوا المال والنفس في طلب رضوان الله والتقرب إليه . وقوله :( 
لكن   ) فيه فائدة ، وهي : أن التقدير أنه إن تخلف هؤلاء المنافقون عن الغزو ، فقد توجه من هو خير منهم ، وأخلص نية واعتقادا ، كقوله :( 
فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما   ) ( الأنعام : 89 ) وقوله :( 
فإن استكبروا فالذين عند ربك   ) ( فصلت : 38 ) ولما وصفهم بالمسارعة إلى الجهاد ذكر ما حصل لهم من الفوائد والمنافع ، وهو أنواع : 
أولها : قوله :( 
وأولئك لهم الخيرات   ) واعلم أن لفظ الخيرات ، يتناول منافع الدارين ، لأجل أن اللفظ مطلق . وقيل :( 
الخيرات   ) . الحور ، لقوله تعالى :( 
فيهن خيرات حسان   ) ( الرحمن : 70 ) . 
وثانيها : قوله :( 
وأولئك هم المفلحون   ) فقوله :( 
لهم الخيرات   ) المراد منه الثواب . وقوله :( 
هم المفلحون   ) المراد منه التخلص من العقاب والعذاب . 
وثالثها : قوله :( 
أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها   ) يحتمل أن تكون هذه الجنات كالتفسير للخيرات وللفلاح ، ويحتمل أن تحمل تلك الخيرات والفلاح على منافع الدنيا ، مثل   
[ ص: 126 ] الغزو ، والكرامة ، والثروة ، والقدرة ، والغلبة ، وتحمل الجنات على ثواب الآخرة ، و( 
الفوز العظيم   ) عبارة عن كون تلك الحالة مرتبة رفيعة ، ودرجة عالية .