المسألة الثانية : من الناس من قال : الجمع المحلى بالألف واللام الأصل فيه أن ينصرف إلى المعهود السابق ، فإن لم يوجد المعهود السابق ، حمل على الاستغراق للضرورة . قالوا : لأن صيغة الجمع يكفي في حصول معناها الثلاثة فما فوقها ، والألف واللام للتعريف ، فإن حصل جمع هو معهود سابق وجب الانصراف إليه ، وإن لم يوجد فحينئذ يحمل على الاستغراق دفعا للإجمال . 
قالوا إذا ثبت هذا فنقول : قوله :( 
الأعراب   ) المراد منه جمع معينون من منافقي الأعراب ، كانوا يوالون منافقي 
المدينة  فانصرف هذا اللفظ إليهم . 
المسألة الثالثة : أنه تعالى حكم على الأعراب بحكمين : 
الحكم الأول 
أنهم أشد كفرا ونفاقا ، والسبب فيه وجوه : 
الأول : أن 
أهل البدو يشبهون الوحوش   . 
والثاني : استيلاء الهواء الحار اليابس عليهم ، وذلك يوجب مزيد التيه والتكبر والنخوة والفخر والطيش عليهم . 
والثالث : أنهم ما كانوا تحت سياسة سائس ، ولا تأديب مؤدب ، ولا ضبط ضابط فنشأوا كما شاءوا ، ومن كان كذلك خرج على أشد الجهات فسادا . 
والرابع : أن من أصبح وأمسى مشاهدا لوعظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وبياناته الشافية ، وتأديباته الكاملة ، كيف يكون مساويا لمن لم يؤاثر هذا الخير ، ولم يسمع خبره . 
والخامس : قابل الفواكه الجبلية بالفواكه البستانية لتعرف الفرق بين أهل الحضر والبادية . 
الحكم الثاني 
قوله :( 
وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله   ) وقوله :( 
وأجدر   ) أي أولى وأحق ، وفي الآية حذف ، والتقدير : وأجدر بأن لا يعلموا . وقيل في تفسير حدود ما أنزل الله مقادير التكاليف والأحكام . وقيل : مراتب أدلة العدل والتوحيد والنبوة والمعاد( 
والله عليم   ) بما في قلوب خلقه( 
حكيم   ) فيما فرض من فرائضه .