القصة الأولى 
قصة نوح عليه السلام 
( 
ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني لكم نذير مبين أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم   ) 
قوله تعالى : ( 
ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني لكم نذير مبين أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم   ) 
اعلم أنه تعالى قد بدأ بذكر هذه القصة في سورة يونس ، وقد أعادها في هذه السورة أيضا ؛ لما فيها من زوائد الفوائد وبدائع الحكم ، وفيه مسألتان : 
المسألة الأولى : قرأ 
ابن كثير  وأبو عمرو  والكسائي    : " أني " بفتح الهمزة ، والمعنى : أرسلنا 
نوحا  بأني لكم نذير مبين ، ومعناه أرسلناه ملتبسا بهذا الكلام ، وهو قوله : " أني لكم نذير مبين " ، فلما اتصل به حرف الجر وهو الباء فتح كما فتح في كان ، وأما سائر القراء فقرءوا : ( 
إني   ) بالكسر على معنى : قال : ( 
إني لكم نذير مبين   ) . 
المسألة الثانية : قال بعضهم : المراد من 
النذير كونه مهددا للعصاة بالعقاب ، ومن المبين كونه مبينا ما أعد الله للمطيعين من الثواب ، والأولى أن يكون المعنى أنه نذير للعصاة من العقاب ، وأنه مبين بمعنى أنه بين ذلك الإنذار على الطريق الأكمل والبيان الأقوى الأظهر ، ثم بين تعالى أن ذلك الإنذار إنما حصل في 
النهي عن عبادة غير الله وفي الأمر بعبادة الله ؛ لأن قوله : ( 
أن لا تعبدوا إلا الله   ) استثناء من النفي ، وهو يوجب نفي غير المستثنى . 
واعلم أن تقدير الآية كأنه تعالى قال : ولقد أرسلنا 
نوحا  إلى قومه بهذا الكلام ، وهو قوله : ( 
إني لكم نذير مبين   ) . 
ثم قال : ( 
أن لا تعبدوا إلا الله   ) ، فقوله : ( 
أن لا تعبدوا إلا الله   ) بدل من قوله : ( 
إني لكم نذير   ) ثم إنه أكد ذلك بقوله : ( 
إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم   ) ، والمعنى أنه لما حصل الألم العظيم في ذلك اليوم أسند   
[ ص: 169 ] ذلك الألم إلى اليوم ، كقولهم : نهارك صائم ، وليلك قائم .