صفحة جزء
[ ص: 184 ] ( سورة الرعد )

مدنية ، وآياتها : 43 ، نزلت بعد سورة محمد

( بسم الله الرحمن الرحيم ) ( المر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون )

سورة الرعد

أربعون وثلاث آيات ، مكية سوى قوله تعالى : ( ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة ) ( الرعد : 31 ) وقوله : ( ومن عنده علم الكتاب ) ( الرعد : 43 ) قال الأصم هي مدنية بالإجماع سوى قوله تعالى : ( ولو أن قرآنا سيرت به الجبال ) ( الرعد : 31 ) .

بسم الله الرحمن الرحيم ( المر تلك آيات الكتاب والذي أنزل إليك من ربك الحق ولكن أكثر الناس لا يؤمنون )

اعلم أنا قد تكلمنا في هذه الألفاظ ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : معناه : أنا الله أعلم ، وقال في رواية عطاء : أنا الله الملك الرحمن ، وقد أمالها أبو عمرو والكسائي وغيرهما وفخمها جماعة منهم عاصم ، وقوله : ( تلك ) إشارة إلى آيات السورة المسماة بـ ( المر ) . ثم قال : إنها آيات الكتاب . وهذا الكتاب الذي أعطاه محمدا بأن ينزله عليه ويجعله باقيا على وجه الدهر .

وقوله : ( والذي أنزل إليك من ربك ) مبتدأ ، وقوله : ( الحق ) خبره ، ومن الناس من تمسك بهذه الآية في نفي القياس ، فقال : الحكم المستنبط بالقياس غير نازل من عند الله وإلا لكان من لم يحكم به كافرا لقوله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ( المائدة : 44 ) وبالإجماع لا يكفر ، فثبت أن الحكم المثبت بالقياس غير نازل من عند الله .

وإذا كان كذلك وجب أن لا يكون حقا لأجل أن قوله : ( والذي أنزل إليك من ربك الحق ) يقتضي أنه لا حق إلا ما أنزله الله ، فكل ما لم ينزله الله وجب أن لا يكون حقا ، وإذا لم يكن حقا وجب أن يكون باطلا لقوله تعالى : ( فماذا بعد الحق إلا الضلال ) ( يونس : 32 ) ومثبتو القياس يجيبون عنه بأن الحكم المثبت بالقياس نازل أيضا من عند الله ؛ لأنه [ ص: 185 ] لما أمر بالعمل بالقياس كان الحكم الذي دل عليه القياس نازلا من عند الله .

ولما ذكر تعالى أن المنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- هو الحق بين أن أكثر الناس لا يؤمنون به على سبيل الزجر والتهديد .

التالي السابق


الخدمات العلمية