[ ص: 57 ]   [ سورة إبراهيم ] 
مكية إلا آيتي 28 و 29 فمدنيتان 
وآياتها 52 نزلت بعد سورة نوح 
بسم الله الرحمن الرحيم 
( 
الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد   ) . 
بسم الله الرحمن الرحيم 
( 
الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد   ) . 
اعلم أن الكلام في أن هذه السورة مكية أو مدنية طريقه الآحاد. ومتى لم يكن في السورة ما يتصل بالأحكام الشرعية فنزولها 
بمكة  والمدينة  سواء ، وإنما يختلف الغرض في ذلك إذا حصل فيه ناسخ ومنسوخ فيكون فيه فائدة عظيمة ، وقوله : ( 
الر كتاب   ) معناه أن السورة المسماة بـ الر كتاب أنزلناه إليك لغرض كذا وكذا ، فقوله : ( 
الر   ) مبتدأ وقوله : ( 
كتاب   ) خبره وقوله : ( 
أنزلناه إليك   ) صفة لذلك الخبر ، وفيه مسائل : 
المسألة الأولى : دلت هذه الآية على أن 
القرآن موصوف بكونه منزلا من عند الله تعالى ، قالت 
المعتزلة    : النازل والمنزل لا يكون قديما. 
وجوابنا : أن الموصوف بالنازل والمنزل هو هذه الحروف وهي محدثة بلا نزاع. 
المسألة الثانية : قالت 
المعتزلة    : اللام في قوله : ( 
لتخرج الناس   ) لام الغرض والحكمة ، وهذا يدل على أنه تعالى إنما أنزل هذا الكتاب لهذا الغرض ، وذلك يدل على أن 
أفعال الله تعالى وأحكامه معللة برعاية المصالح   . 
أجاب أصحابنا عنه بأن من فعل فعلا لأجل شيء آخر ، فهذا إنما يفعله لو كان عاجزا عن تحصيل هذا المقصود إلا بهذه الواسطة وذلك في حق الله تعالى محال ، وإذا ثبت بالدليل أنه يمتنع تعليل أفعال الله تعالى وأحكامه بالعلل ثبت أن كل ظاهر أشعر به ، فإنه مؤول محمول على معنى آخر.  
[ ص: 58 ] المسألة الثالثة : إنما شبه الكفر بالظلمات لأنه نهاية ما يتحير الرجل فيه عن طريق الهداية ، وشبه الإيمان بالنور ؛ لأنه ما ينجلي به طريق هدايته .