صفحة جزء
بقي في الآية سؤالات :

السؤال الأول : التسخير عبارة عن القهر والقسر ، ولا يليق ذلك إلا بمن هو قادر يجوز أن يقهر ، فكيف يصح ذلك في الليل والنهار وفي الجمادات والشمس والقمر ؟

والجواب من وجهين :

الأول : أنه تعالى لما دبر هذه الأشياء على طريقة واحدة مطابقة لمصالح العباد صارت شبيهة بالعبد المنقاد المطواع ، فلهذا المعنى أطلق على هذا النوع من التدبير لفظ التسخير .

وعن الوجه الثاني في الجواب : وهو لا يستقيم إلا على مذهب أصحاب علم الهيئة ، وذلك لأنهم يقولون : الحركة الطبيعية للشمس والقمر هي الحركة من المغرب إلى المشرق ، والله تعالى يحرك هذه الكواكب بواسطة حركة الفلك الأعظم من المشرق إلى المغرب ، فكانت هذه الحركة قسرية ، فلهذا السبب ورد فيها اللفظ " التسخير " .

السؤال الثاني : إذا كان لا يحصل للنهار والليل وجود إلا بسبب حركات الشمس كان ذكر النهار والليل مغنيا عن ذكر الشمس .

والجواب : أن حدوث النهار والليل ليس بسبب حركة الشمس ، بل حدوثهما بسبب حركة الفلك الأعظم الذي دللنا على أن حركته ليست إلا بتحريك الله سبحانه ، وأما حركة الشمس فإنها علة لحدوث السنة لا لحدوث اليوم .

السؤال الثالث : ما معنى قوله : ( مسخرات بأمره ) والمؤثر في التسخير هو القدرة لا الأمر ؟

والجواب : أن هذه الآية مبنية على أن الأفلاك والكواكب جمادات أم لا ، وأكثر المسلمين عليها أنها جمادات ، فلا جرم حملوا الأمر في هذه الآية على الخلق والتقدير ، ولفظ الأمر بمعنى الشأن والفعل كثير قال تعالى : ( إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ) [ النحل : 40 ] ومن الناس من يقول : إنها ليست جمادات فههنا يحمل الأمر على الإذن والتكليف والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية