ثم قال تعالى : ( 
بالبينات والزبر   ) وفيه مسألتان : 
المسألة الأولى : ذكروا في الجالب لهذه الباء وجوها . 
الأول : أن التقدير : وما أرسلنا من قبلك بالبينات والزبر إلا رجالا يوحى إليهم ، وأنكر 
الفراء  ذلك وقال : إن صلة ما قبل إلا لا يتأخر إلى بعد ، والدليل عليه : أن المستثنى عنه هو مجموع ما قبل إلا مع صلته ، فما لم يصر هذا المجموع مذكورا بتمامه امتنع إدخال الاستثناء عليه . 
الثاني : أن التقدير : 
وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا يوحى إليهم بالبينات والزبر ، وعلى هذا التقدير فقوله : ( 
بالبينات والزبر   ) متعلق بالمستثنى . 
والثالث : أن الجالب لهذا الباء محذوف ، والتقدير أرسلناهم بالبينات وهذا قول 
الفراء    . قال : ونظيره ما مر إلا أخوك بزيد ، ما مر إلا أخوك ، ثم يقول : مر بزيد . 
الرابع : أن يقال : الذكر بمعنى العلم ، والتقدير : فاسألوا أهل الذكر بالبينات والزبر إن كنتم لا تعلمون . 
الخامس : أن يكون التقدير : إن كنتم لا تعلمون بالبينات والزبر فاسألوا أهل الذكر . 
المسألة الثانية : قوله تعالى : ( 
بالبينات والزبر   ) لفظة جامعة لكل ما تكامل به الرسالة ، لأن مدار أمرها على المعجزات الدالة على صدق من يدعي الرسالة ، وهي البينات ، وعلى التكاليف التي يبلغها الرسول من الله تعالى إلى العباد وهي الزبر .