1. الرئيسية
  2. التفسير الكبير
  3. سورة البقرة
  4. قوله تعالى كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون
صفحة جزء
المسألة الثانية : اتفقوا على أن قوله : ( وكنتم أمواتا ) المراد به : وكنتم ترابا ونطفا ؛ لأن ابتداء خلق آدم من التراب وخلق سائر المكلفين من أولاده إلا عيسى - عليه السلام - من النطف ، لكنهم اختلفوا في أن إطلاق اسم الميت على الجماد حقيقة أو مجاز ، والأكثرون على أنه مجاز ؛ لأنه شبه الموات بالميت وليس أحدهما من الآخر بسبيل لأن الميت ما يحل به الموت ولا بد وأن يكون بصفة من يجوز أن يكون حيا في العادة فيكون اللحمية والرطوبة ، وقال الأولون هو حقيقة فيه وهو مروي عن قتادة ، قال : كانوا أمواتا في أصلاب آبائهم فأحياهم الله تعالى ثم أخرجهم ثم أماتهم الموتة التي لا بد منها ، ثم أحياهم بعد الموت . فهما حياتان وموتتان واحتجوا بقوله : ( خلق الموت والحياة ) [ الملك : 2 ] والموت المقدم على الحياة هو كونه مواتا فدل على أن إطلاق الميت على الموات ثابت على سبيل الحقيقة والأول هو الأقرب ؛ لأنه يقال في الجماد : إنه موات ، وليس بميت ، فيشبه أن يكون استعمال أحدهما في الآخر على سبيل التشبيه ، قال القفال : وهو كقوله تعالى : ( هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ) [ الإنسان : 1 ] ، فبين سبحانه وتعالى أن الإنسان كان لا شيء يذكر فجعله الله حيا وجعله سميعا بصيرا ، ومجازه من قولهم : فلان ميت الذكر . وهذا أمر ميت ، وهذه سلعة ميتة : إذا لم يكن لها طالب ولا ذاكر ، قال المخبل السعدي :


وأحييت لي ذكري وما خاملا ولكن بعض الذكر أنبه من بعض



[ ص: 140 ] فكذا معنى الآية : ( وكنتم أمواتا ) أي خاملين ولا ذكر لكم لأنكم لم تكونوا شيئا ( فأحياكم ) أي فجعلكم خلقا سميعا بصيرا .

التالي السابق


الخدمات العلمية