صفحة جزء
وثالثها : قوله : ( وترى الناس سكارى ) وفيه مسائل : المسألة الأولى : قرئ " وترى " بالضم ، تقول : أريتك قائما أو رأيتك قائما ، والناس بالنصب والرفع ، أما النصب فظاهر ، وأما الرفع فلأنه جعل الناس اسم ما لم يسم فاعله وأنثه على تأويل الجماعة ، وقرئ سكرى وسكارى ، وهو نظير جوعى وعطشى في جوعان وعطشان ، سكارى وسكارى نحو كسالى وعجالى ، وعن الأعمش : سكرى وسكرى بالضم وهو غريب .

المسألة الثانية : المعنى وتراهم سكارى على التشبيه ( وما هم بسكارى ) على التحقيق ، ولكن ما أرهقهم من هول عذاب الله تعالى هو الذي أذهب عقولهم وطير تمييزهم ، وقال ابن عباس والحسن : ونراهم سكارى من الخوف وما هم بسكارى من الشراب ، فإن قلت : لم قيل أولا ترون ، ثم قيل : ترى على الإفراد ؟ قلنا : لأن الرؤية أولا علقت بالزلزلة ، فجعل الناس جميعا رائين لها ، وهي معلقة آخرا بكون الناس على حال من السكر ، فلا بد وأن يجعل كل واحد منهم رائيا لسائرهم .

المسألة الثالثة : إن قيل : أتقولون إن شدة ذلك اليوم تحصل لكل أحد أو لأهل النار خاصة ؟ قلنا : قال قوم : إن الفزع الأكبر وغيره يختص بأهل النار ، وإن أهل الجنة يحشرون وهم آمنون . وقيل : بل يحصل للكل ؛ لأنه سبحانه لا اعتراض لأحد عليه في شيء من أفعاله ، وليس لأحد عليه حق .

التالي السابق


الخدمات العلمية