أما قوله : ( 
ولولا أن تصيبهم مصيبة   ) الآية ، فقال صاحب " الكشاف " : ( لولا ) الأولى امتناعية وجوابها محذوف ، والثانية تحضيضية ، والفاء في قوله : ( 
فيقولوا   ) للعطف ، وفي قوله للعطف . وفي قوله : ( 
فنتبع   ) جواب ( لولا ) لكونها في حكم الأمر من قبل أن الأمر باعث على الفعل ، والباعث والمحضض من واد واحد ، والمعنى : ولولا أنهم قائلون إذا عوقبوا بما قدموا من الشرك والمعاصي : هلا أرسلت إلينا رسولا ، محتجين علينا بذلك لما أرسلنا إليهم ، يعني : إنما أرسلنا الرسول إزالة لهذا العذر ، وهو كقوله : ( 
لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل   ) ( 
أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير   ) ( 
لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك   ) واعلم أنه تعالى لم يقل : ولولا أن يقولوا هذا العذر لما أرسلنا ، بل قال : ( 
ولولا أن تصيبهم مصيبة   ) ( 
فيقولوا   ) هذا العدو لما أرسلنا ، وإنما قال ذلك لنكتة ؛ وهي أنهم لو لم يعاقبوا مثلا وقد عرفوا بطلان دينهم لما قالوا ذلك ، بل إنما يقولون ذلك إذا نالهم العقاب ، فيدل ذلك على أنهم لم يذكروا هذا العذر تأسفا على كفرهم ، بل لأنهم ما أطاقوا ، وفيه تنبيه على استحكام كفرهم ورسوخه فيهم ، كقوله : ( 
ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه   ) [ الأنعام : 28 ] .