المسألة الرابعة : قوله : ( 
وعشيا   ) عطف على " حين " أي سبحوه حين تمسون وحين تصبحون وعشيا ، وقوله : ( 
وله الحمد في السماوات والأرض   ) كلام معترض بين المعطوف والمعطوف عليه وفيه لطيفة ، وهو أن 
الله تعالى لما أمر العباد بالتسبيح كأنه بين لهم أن تسبيحهم الله لنفعهم لا لنفع يعود على الله ، فعليهم أن يحمدوا الله إذا سبحوه ، وهذا كما في قوله تعالى : ( 
يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان   ) [ الحجرات : 17 ] . 
المسألة الخامسة : قدم الإمساء على الإصباح ههنا وأخره في قوله : ( 
وسبحوه بكرة وأصيلا   ) [الأحزاب : 42] وذلك لأن –ههنا- أول الكلام ذكر الحشر والإعادة من قوله : ( 
الله يبدأ الخلق ثم يعيده   ) إلى قوله : ( 
فأولئك في العذاب محضرون   ) وآخر هذه الآية أيضا ذكر الحشر والإعادة بقوله : ( 
وكذلك تخرجون   ) والإمساء آخر فذكر الآخر ليذكر الآخرة . 
المسألة السادسة : في تعلق 
إخراج الحي من الميت والميت من الحي بما تقدم عليه هو أن عند الإصباح يخرج الإنسان من شبه الموت ، وهو النوم إلى شبه الوجود وهو اليقظة ، وعند العشاء يخرج الإنسان من اليقظة إلى النوم ، واختلف المفسرون في قوله : ( 
يخرج الحي من الميت   ) فقال أكثرهم : يخرج الدجاجة من البيضة والبيضة من الدجاجة ، وكذلك الحيوان من النطفة والنطفة من الحيوان ، وقال بعضهم : المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن ، ويمكن أن يقال : المراد : ( 
يخرج الحي من الميت   ) أي اليقظان من النائم والنائم من اليقظان ، وهذا يكون قد ذكره للتمثيل أي إحياء الميت عنده ، وإماتة الحي كتنبيه النائم وتنويم المنتبه . 
ثم قال تعالى : ( 
ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون   ) وفي هذا معنى لطيف وهو أن الإنسان بالموت تبطل حيوانيته ، وأما نفسه الناطقة فتفارقه وتبقى بعده كما قال تعالى : ( 
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا   )   
[ ص: 95 ]   [ آل عمران : 169 ] لكن الحيوان نام متحرك حساس ، لكن النائم لا يتحرك ولا يحس والأرض الميتة لا يكون فيها نماء ، ثم إن النائم بالانتباه يتحرك ويحس ، والأرض الميتة بعد موتها تنمو بنباتها فكما أن تحريك ذلك الساكن وإنماء هذا الواقف سهل على الله تعالى كذلك إحياء الميت سهل عليه ، وإلى هذا أشار بقوله : ( 
وكذلك تخرجون   ) .