( 
إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون   ) 
ثم قال تعالى : ( 
إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون   ) إشارة إلى أن الإيمان بالآيات كالحاصل ، وإنما ينساه البعض فإذا ذكر بها خر ساجدا له ، يعني انقادت أعضاؤه له ، وسبح بحمده ، يعني ويحرك لسانه بتنزيهه عن الشرك ، ( 
وهم لا يستكبرون   ) يعني وكان قلبه خاشعا لا يتكبر ومن لا يستكبر عن عبادته فهو المؤمن حقا . 
( 
تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون   ) 
يعني بالليل قليلا ما يهجعون ، وقوله : ( 
يدعون ربهم   ) أي يصلون ، فإن الدعاء والصلاة من باب واحد في المعنى ، أو يطلبونه وهذا لا ينافي الأول لأن الطلب قد يكون بالصلاة ، والحمل على الأول أولى لأنه قال بعده : ( 
ومما رزقناهم ينفقون   ) وفي أكثر المواضع التي ذكر فيها الزكاة ذكر الصلاة قبلها كقوله تعالى : ( 
ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون   ) [ البقرة : 3 ] ، وقوله : ( 
خوفا وطمعا   ) يحتمل أن يكون مفعولا له ، ويحتمل أن يكون حالا أي خائفين طامعين كقولك جاءوني زورا أي زائرين ، وكأن في الآية الأولى إشارة إلى المرتبة العالية وهي 
العبادة لوجه الله تعالى مع الذهول عن الخوف والطمع بدليل قوله تعالى : ( 
إذا ذكروا بها خروا   ) فإنه يدل على أن عند مجرد الذكر يوجد منهم السجود وإن لم يكن خوف وطمع . وفي الآية الثانية إشارة إلى المرتبتين الأخيرتين وهي 
العبادة خوفا ، كمن يخدم الملك الجبار مخافة سطوته أو يخدم الملك الجواد طمعا في بره ، ثم بين ما يكون لهم جزاء فعلهم .